من العلماء الذين كانوا بدمشق وخرجوا إلى غازان يطلبون منه الأمان ، فخرج قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة الشافعي والشيخ زين الدين الفارقي والشيخ تقي الدين بن تيمية الحراني والقاضي نجم الدين ابن الصرصري والقاضي عز الدين بن تركي والشيخ عز الدين ابن القلانسي والقاضي جلال الدين القزويني وغير هؤلاء جماعة العلماء الصلحاء ، فلما دخلوا على غازان ووقفوا بين يديه وقف الترجمان وتكلم مع القان غازان في أمرهم وأنهم جاؤوا يطلبون الأمان منه ، فقال له غازان : قل لهم إني قد أرسلت لهم الأمان قبل حضورهم عندي ، فرجعوا إلى دمشق واجتمع في جامع بني أمية الجم الغفير وقرؤا على الناس الأمان الذي أرسله القان غازان إلى أهل دمشق ، فلما قرىء عليهم ذلك الأمان وسمعوه فرح الناس بذلك وحصل عندهم سكون بعدما كانوا في اضطراب من أمر غازان. ثم حضر الأمير قبجق الذي كان نائب الشام وهرب إلى غازان ونزل بالميدان الأخضر وأرسل يقول إلى نائب قلعة الشام : سلم إلينا القلعة ولا تحوجنا أن نحاصرك وتغلب بعد ذلك ، فأرسل نائب القلعة يقول لقبجق : ليس لك عندي إلا السيف ، وكيف أسلم القلعة والملك الناصر على قيد الحياة.
قال أبو الفداء : وكاتب النائب بالقلعة الأمير سيف الدين أرحواش المنصوري فقام في حفظها أتم قيام وصبر على الحصار ولم يسلمها وأحرق الدور التي حوالي القلعة والمدارس ، فاحترقت دار السعادة التي كانت مقر نواب السلطنة ، وكذلك احترق غيرها من الأماكن الجليلة. وأقام قازان بمرج دمشق المعروف بمرج الزنبقية ثم عاد إلى بلاده الشرقية وقرر في دمشق قبجق وجرد صحبته عدة من المغل.
قال ابن إياس : كان رحيل قازان عن دمشق يوم الجمعة ثاني عشر جمادى الأولى وترك بها أميرا من التتار يقال له الأمير قطلو شاه ومعه عسكر من التتار ، هذا ما كان من أمر القان قازان. وأما ما كان من أمر الملك وأمر عسكره فإنه لما انكسر ودخل إلى بعلبك أقام بها أياما ثم قصد التوجه إلى الديار المصرية وجد في السير حتى وصل إلى القاهرة ، فدخل على حين غفلة وطلع القلعة وقد نهب جميع ما كان معه من البرك وكذلك الأمراء والعساكر ، فلما طلع القلعة فتح الزردخانة وفرق ما كان فيها من الملبوس والسلاح على العسكر ، ثم فتح خزائن المال وأنفق على العسكر فأعطى كل مملوك ثمانين دينارا وجماعة منهم أعطاهم خمسة وسبعين دينارا وجماعة منهم خمسة وستين دينارا ، وأعطى مماليك