أمراء القان غازان يقال له قطلوشاه قد دخل إلى حلب على حين غفلة من أهلها ومعه طائفة من عسكر التتار ، وذكروا أن بلادهم قد اضمحلت هذه السنة وقصدهم الإقامة بحلب حتى يشتروا لهم مغلا ، وكل ذلك حيل وخداع ، ثم بعد أيام دخل منهم جماعة إلى مرعش فأرسل نائب حلب يكاتب السلطان بذلك ، فلما جاء هذا الخبر عين السلطان جماعة من الأمراء المقدمين عدتهم ستة من الأمراء وعيّن ألف مملوك من المماليك السلطانية ، فخرجوا من القاهرة على الفور مسرعين ، فلما وصلوا إلى غزة تواترت الأخبار بوصول غازان إلى الرحبة وأن نائب الرحبة تلطف به وأرسل له بالإقامة مع ولده ومنعه من محاصرة المدينة ، فلما أن بلغ السلطان ذلك أحضر الأمير سلار النائب والأتابكي بيبرس الجاشنكير وضربوا مشورة في ذلك ، فأشاروا على السلطان بالخروج قبل أن يتمكن العدو من البلاد ، فنادى السلطان في جميع أماكن القاهرة للعسكر بالرحيل من كبير وصغير.
ثم إن السلطان أحضر جماعة من عربان الشرقية ومن عربان الغربية ونادى بالنفير عاما وخرج مسرعا على جرائد الخيل وكان معه الخليفة المستكفي بالله أبو الربيع سليمان والقضاة الأربعة وسائر الأمراء والعسكر من كبير وصغير ، فلما رحلوا من الريدانية تقدم الأتابكي بيبرس الجاشنكير مع جماعة من العسكر قدام السلطان. فلما وصلوا إلى الشام جاءت الأخبار بأن جاليش غازان قد وصل إلى قرب حماة ، فأرسل الأتابكي بيبرس يستحث السلطان في سرعة الحضور ، فجد السلطان في السير حتى وصل إلى الشام وبرز إلى قتال عسكر قازان فكان مع السلطان من العساكر المصرية والشامية وعربان جبل نابلس نحو مائتي ألف إنسان وكان مع غازان مثل ذلك أو أكثر ، فتلاقى العسكران على مرج راهط تحت جبل غباغب فكان بين الفريقين هناك واقعة عظيمة لم يسمع بمثلها فيما تقدم من الزمان ، فكانت النصرة يومئذ للملك الناصر محمد بن قلاوون على القان غازان فقتل من الفريقين ما لا يحصى عددهم وأسر من عسكر غازان نحو الثلث وقتل من أمراء مصر الأمير حسام الدين لاجين استادار العالية والأمير أوليا بن قرمان والأمير سنقر الكافوري والأمير أيدمر الشمسي والأمير آقوش الشمسي الحاجب والأمير عز الدين نقيب الجيوش المنصورة والأمير علاء الدين بن التركماني والأمير حسام الدين بن ساخل والأمير سيف الدين بهادر الدكاجكي ، هؤلاء غير من قتل من أمراء دمشق الشام وحماة وحلب وطرابلس وغزة وغير ذلك من الأمراء. وقتل من المماليك السلطانية والأمراء نحو ألف وخمسمائة مملوك ،