فهي تسقي الغيث إن لم يسقها أو إن سقاها
كنفتها قبة يضحك عنها كنفاها
قبة أبدع بانيها بناء إذ بناها
ضاهت الوشي نقوشا فحكته وحكاها
لو رآها مبتني قبة كسرى ما ابتناها
فندا الجامع سرو يتناهى من تناهى ١
حييا السارية الخضراء منه حيياها
قبلة المستشرف الأعلى إذا قابلتماها
حيث يأتي حلقة الآداب منا من أتاها
من رجالات حبا لم يحلل الجهل حباها
من رآهم من سفيه باع بالعلم السفاها
وهذه السارية الخضراء كان يجتمع إليها المشتغلون بالأدب يقرؤون عندها وذهبت في الحريق ، وما زالت حلقة الأدب لقراءة النحو واللغة معقودة بجامع حلب ليلا ونهارا ، وكذلك لقراءة القرآن العزيز وما فتىء على هذه الحالة ، وكان مشرق العابد يقرأ فيه الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة وذلك قبل أن تبنى المدارس بحلب.
واعلم أن هذا الجامع كان قديما يدرس فيه على المذاهب الأربعة ، ولكل مذهب مكان مخصوص ، وبه المحدثون وأرباب الفتاوى ولهم معاليم على ذلك ، وأمره منتظم إلى محنة تيمور ، والآن قد زالت المسميات وبقيت الأسماء كما قال الأول :
مدارس آيات خلت من تلاوة |
|
ومهبط وحي مقفر العرصات |
قال ابن شداد : زاويتان بالجامع المذكور وقفهما العادل نور الدين لتدريس مذهب مالك وأحمد ، وزاوية بالجامع لتدريس الحديث وقفها العادل نور الدين ، وإنما أغفل المذهبين لأنهما كان يدرس فيهما قبل نور الدين. وقرأت بخط الصاحب ما لفظه إبراهيم بن
__________________
١ ـ ويروى :
فبذا الجامع سرو |
|
يتباهى من تباهى |