السلطان بابن زين الدين مظفر الدين ، فإنه كان في ميمنة سيف الدين ، وحمل السلطان بنفسه فانكسر القوم وأسر منهم جمعا عظيما من كبار الأمراء منهم الأمير فخر الدين عبد المسيح ، فمن عليهم وأطلقهم وعاد سيف الدين إلى حلب فأخذ منها خزانته وسار حتى عبر الفرات وعاد إلى بلاده وأمسك هو رحمهالله عن تتبع العسكر ، ونزل في بقية ذلك اليوم في خيم القوم فإنهم كانوا قد أبقوا الثقل على ما كان عليه والمطابخ قد عملت ففرق الإصطبلات ووهب الخزائن وأعطى خيمة سيف الدين لعز الدين فرخشاه اه.
ثم نقل في الروضتين ما ذكره العماد الكاتب في كتاب البرق الشامي في تاريخ الدولة الصلاحية في هذه الوقعة فقال :
قال العماد : رحلنا في شهر رمضان من دمشق مستأنفين فعبرنا العاصي لله طائعين وإلى المسار مسارعين ، فما عرجنا على البلد ولا انتظرنا ما وراءنا من مدد ، ونزلنا الغسولة وحزنا حماة وخيمنا في مرج بوقبيس. وجاء الخبر أنهم في عشرين ألف فارس سوى سوادهم وما وراءهم من أمدادهم [سيأتيك ما فيه نقلا عن ابن الأثير] وأنهم موعودون من الفرنج بالنجدة وأنهم يزيدون في كل يوم قوة وشدة ، وما كان اجتمع من عسكرنا سوى ألف فارس ، فرتب السلطان عسكره وقوى بقوة قلبه قلبه. وأمد الله بحزب ملائكته حزبه. ولما وصل المواصلة إلى حلب أطلقوا من كان في الأسرى من ملوك الفرنج منهم أرناط إبرنس الكرك وجوسلين خال الملك وقرروا معهم أن يدخلوا من مساعدتهم في الدرك ، فلما عيدنا وصل إلى السلطان الخبر بوصولهم إلى تل السلطان فعبرنا العاصي عند شيزر ورتبنا العسكر وأعدنا الأثقال إلى حماة. ثم وصف الوقعة إلى أن قال : وركب السلطان أكتافهم فشل مئيهم وآلافهم حتى أخرجهم من خيامهم وأشرقهم بمائهم ووكل بسرداق سيف الدين غازي ومضاربه ابن أخيه فرخشاه ، وركض وراءه حتى علم أنه تعداه ، ووقع في الأسر جماعة من الأمراء المقدمين ثم من عليهم بالخلع بعد أن نقلهم إلى حماة وأطلقهم ، ثم نزل في السرادق السيفي فتسلمه بخزائنه ومحاسنه وإصطبلاته ومطابخه ورواسي عزه ورواسخه فبسط في جميع ذلك أيدي الجود وفرقها على الحضور والشهود ، وأبقى منها نصيبا للرسل والوفود. ورأى في بيت الشراب في السرادق الخاص طيورا من القماري والبلابل والهزار والببغا في الأقفاص ، فاستدعى أحد الندماء مظفر الأقرع فآنسه وقال : خذ هذه الأقفاص واطلب بها الخلاص واذهب بها إلى سيف الدين فأوصلها إليه وسلم منا عليه وقل له : عد إلى اللعب بهذه