أحدهما : إجراء الطّعام والكسوة ما دامت الولاية ، إذ لا يمكن إلا ذلك لمن لا يستحق الأخذ الكلي كالصغير والسفيه الكبير.
والثاني : الإيتاء بالتمكين وتسليم المال إليه ، وذلك عند ابتلاء والإرشاد وتكون تسميته حينئذ يتيما مجازا بمعنى : الّذي كان يتيما استصحابا للاسم ، كقوله (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) [الشعراء : ٤٦] أي الذين كانوا سحرة ، وكان يقال للنبي صلىاللهعليهوسلم «يتيم أبي طالب» فإذا تحقّق الوليّ رشده حرم عليه إمساك ماله عنه.
قال أبو حنيفة : إذا بلغ خمسا وعشرين سنة ، أعطي ماله على كل حال ؛ لأنّه يصير جدا.
قوله : (وَلا تَتَبَدَّلُوا) وقد تقدّم في البقرة قوله : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) [البقرة : ٥٩] أنّ المجرور بالباء هو المتروك ، والمنصوب هو الحاصل ، وتفعل هنا بمعنى استفعل ، وهو كثير ، نحو تعجّل وتأخّر بمعنى استعجل واستأخر ومن مجيء تبدّل بمعنى استبدل قول ذي الرمة : [الطويل]
١٧٣٣ ـ فيا كرم السّكن الّذين تحمّلوا |
|
عن الدّار والمستخلف المتبدّل (١) |
أي : المستبدل.
قال الواحدي (٢) : «تبدل الشّيء بالشّيء إذا أخذ مكانه».
قوله : «بالطيّب».
هو المفعول الثاني ل «تتبدلوا».
وفي معنى هذا التبدّل وجوه :
الأول : قال الفرّاء والزّجّاج (٣) : لا تستبدلوا الحرام ، وهو مال اليتامى بالحلال وهو مالكم الذي أبيح لكم.
الثاني : قال سعيد بن المسيب والنخعي والزهريّ والسّدّيّ : وكان أولياء اليتامى يأخذون الجيد من مال اليتم ، ويجعلون مكانه الرديء ، وربما كان أحدهم أخذ الشّاة السّمينة ، ويضع من مال اليتم ويجعل مكانها المهزولة ، ويأخذ الدرهم الجيد ، ويجعل مكانه الزيف ، يقول : درهم بدرهم ، فنهوا عن ذلك.
وطعن الزمخشريّ (٤) في هذا الوجه فقال : ليس هذا تبدّلا ، إنما هو تبديل.
__________________
(١) ينظر البيت في ديوانه (١٤٦٥) والكشاف ١ / ٤٦٥ والدر المصون ٢ / ٢٩٨.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ٩ / ١٣٨.
(٣) ينظر : تفسير الرازي الموضع السابق.
(٤) ينظر : الكشاف ١ / ٤٦٥.