ذكر الأكل لأنه معظم ما يقع التصرف لأجله.
قوله : (إِنَّهُ كانَ حُوباً) في الهاء ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها تعود على الأكل المفهوم ، من (لا تَأْكُلُوا).
الثّاني : على التبدّل المفهوم من (لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ).
الثالث : عليهما ذهابا به مذهب اسم الإشارة نحو : (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) [البقرة : ٦٨] ومنه : [الرجز]
١٧١٤ ـ كأنّه في الجلد توليع البهق (١)
وقد تقدم ذلك في البقرة ، والأول أولى لأنه أقرب مذكور.
وقرأ الجمهور «حوبا» بضم الحاء ، والحسن بفتحها (٢) ، وبعضهم : «حابا» بالألف ، وهي لغات في المصدر ، والفتح لغة تميم.
ونظير الحوب والحاب ، القول والقال ، والطّرد والطّرد ـ وهو الإثم ـ وقيل : المضموم اسم مصدر ، [والمفتوح مصدر](٣) وأصله من حوب الأبل ، وهو زجرها فسمّي به الإثم ؛ لأنه يزجر به ، ويطلق على الذّنب أيضا ؛ لأنه يزجر عنه ، ومنه قول عليهالسلام : «إنّ طلاق أمّ أيّوب لحوب» (٤) أي : لذنب عظيم.
وقال القرطبي (٥) : والحوب الوحشة ، ومنه قوله عليهالسلام لأبي أيوب «إن طلاق أم أيوب لحوب».
قال القفال (٦) : وكأن أصل الكلمة من التّحوّب وهو التّوجّع ، فالحوب هو ارتكاب ما يتوجّع المرتكب منه ، يقال : حاب يحوب ، حوبا ، وحابا وحيابة.
قال المخبل السعدي : [الطويل]
١٧٣٥ ـ فلا يدخلنّ الدّهر قبرك حوب |
|
فإنّك تلقاه عليك حسيب (٧) |
__________________
(١) تقدم برقم ٥٧٩.
(٢) انظر : إتحاف ١ / ٥٠٢ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٦ ، والبحر المحيط ٣ / ١٦٩ ، والدر المصون ٢ / ٢٩٨.
(٣) سقط في ب.
(٤) أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٢ / ١٩٦) عن ابن عباس أن أبا أيوب طلق امرأته فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم ... فذكره.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٩ / ٩٦٥) وقال : رواه الطبراني وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف.
والحديث ذكره القرطبي في «تفسيره» (٥ / ٨).
(٥) ينظر : القرطبي ٥ / ٥.
(٦) ينظر : الرازي ٩ / ١٣٩.
(٧) ينظر البيت في البحر ٣ / ١٥٩ واللسان (حوب) والدر المصون ٢ / ٢٩٨ وهو في اللسان برواية :
فلا يدخلن الدهر قبلك حوبة |
|
يقوم بها يوما عليك حسيب |