لغيره معنى (١) ، نحو : مررت برجل قائمة أمّه ، وبامرأة حسن غلامها ، ف «قائمة» وحسن وإن كانا جاريين على ما قبلهما لفظا فهما لما بعدهما معنى ، وأجاز ذلك في الآية الكريمة الزّجّاج وتبعه التبريزيّ ، إلّا أنّ الصّفة إذا جرت على غير من هي له وجب إبراز الضّمير مطلقا على مذهب البصريين ألبس أو لم يلبس.
وأمّا الكوفيون فيفصّلون ، فيقولون : إذا جرت الصّفة على غير من هي له ، فإن ألبس وجب إبراز الضمير ، كما هو مذهب البصريين ؛ نحو : «زيد عمرو ضاربه هو» ، إذا كان الضرب واقعا من زيد على عمرو ، فإن لم يلبس لم يجب الإبراز ، نحو : «زيد هند ضاربها» ، إذا تقرّر هذا فمذهب الزّجّاج في الآية إنّما يتمشّى على رأي الكوفيين ، وهو مذهب حسن.
واستدلّ من نصر مذهب الكوفيين بالسّماع ، فمنه قراءة من قرأ (٢)(إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) [الأحزاب : ٥٣] بجر «غير» مع عدم بروز الضمير ، ولو أبرزه لقال : غير ناظرين إناه أنتم.
ومنه قول الآخر : [البسيط]
١٧٦٧ ـ قومي ذرا المجد بانوها وقد علمت |
|
بكنه ذلك عدنان وقحطان (٣) |
ولم يقل : بانوها هم.
وقد خرّج بعضهم البيت على حذف مبتدأ ، تقديره : هم بانوها (٤) ف «قومي» مبتدأ أوّل ، و «ذرا» مبتدأ ثان ، و «هم» مبتدأ ثالث ، و «بانوها» (٥) خبر الثّالث والثّالث وخبره خبر الثّاني والثاني وخبره خبر الأوّل.
وقد منع الزمخشريّ كون «خالدين» و «خالدا» صفة ل «جنّات» و «نارا». فقال : فإن قلت : هل يجوز أن يكونا صفتين ل «جنات» و «نارا»؟ قلت : لا لأنّهما جريا على غير من هما له ، فلا بدّ من الضّمير في قولك : «خالدين هم فيها» ، و «خالدا هو فيها».
ومنع أبو البقاء ذلك أيضا بعدم إبراز الضمير لكن مع «خالدا» ولم يتعرض لذلك مع «خالدين» ولا فرق بينهما ، ثم حكى جواز ذلك عن الكوفيين ، وهذا المنع على مذهب البصريين كما تقدّم.
وقرأ (٦) نافع وابن عامر هنا «ندخله» في الموضعين ، وفي سورة الفتح [الآية ١٧]
__________________
(١) في أ : وهو لغير مذكور معنى.
(٢) ستأتي في الأحزاب.
(٣) ينظر أوضح المسالك ١ / ١٩٦ ، وتخليص الشواهد ص ١٨٦ ، والدرر ٢ / ٩ ، وشرح الأشموني ١ / ٩٣ ، وشرح التصريح ١ / ١٦٢ ، وشرح ابن عقيل ص ١٠٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٦ والدر المصون ٢ / ٣٢٨.
(٤) في أ : بأبوها.
(٥) في أ : بأبوها.
(٦) انظر : السبعة ٢٢٨ ، والحجة ٣ / ١٤٠ ، وحجة القراءات ١٩٣ ، والعنوان ٨٣ ، وإعراب القراءات ١ / ـ ـ ١٣٠ ، وشرح شعلة ٣٣٥ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٩٥ ، وإتحاف ١ / ٥٠٥.