١٧٦٩ ـ أولئك إخواني الّذين عرفتهم |
|
وأخدانك اللّاءات زيّنّ بالكتم (١) |
برفع اللّاءات.
قال ابن الأنباريّ : العرب تقول في الجمع من غير الحيوان : الّتي ، ومن الحيوان : اللاتي ، كقوله : (أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) [النساء : ٥].
وقال في هذه الآية : اللاتي ، واللائي ، والفرق هو أن الجمع من غير الحيوان سبيله سبيل الشيء الواحد وأمّا جمع الحيوان ليس كذلك بل كلّ واحدة منهما غير متميزة عن غيرها بخواص (٢) وصفات فافترقا ، ومن العرب من يسوّي بين البابين ، فيقول : ما فعلت الهندات التي من أمرها كذا ، وما فعلت الأثواب التي من قصتهن كذا ، والأوّل هو المختار وفي محلّ «اللاتي» قولان :
أحدهما : أنّه رفع بالابتداء ، وفي الخبر حينئذ وجهان :
أحدهما : الجملة من قوله : (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَ) وجاز دخول الفاء زائدة في الخبر ، وإن لم يجز زيادتها في نحو : «زيد فاضرب» على رأي الجمهور ؛ لأنّ المبتدأ أشبه الشرط في كونه موصولا عامّا صلته فعل مستقبل ، والخبر مستحقّ بالصّلة.
الوجه الثاني : أنّ الخبر محذوف ، والتقدير : «فيما يتلى عليكم حكم اللاتي» فحذف الخبر والمضاف إلى المبتدأ للدلالة عليهما ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، وهذا نظير ما فعله سيبويه في نحو : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا) [النور : ٢](وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا) [المائدة : ٣٨] ، أي: فيما يتلى عليكم حكم الزانية ، ويكون قوله : (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ) (فَاجْلِدُوا) دالّا على ذلك الحكم المحذوف لأنه بيان له.
والقول الثاني : أنّ محلّه نصب ، وفيه وجهان :
أحدهما : أنّه منصوب بفعل مقدر لدلالة السّياق عليه لا على جهة الاشتغال لما سنذكره ، والتقدير : اقصدوا اللاتي يأتين ، أو تعمّدوا ولا يجوز أن ينتصب بفعل مضمر يفسره قوله : «فاستشهدوا» فتكون المسألة من باب الاشتغال ؛ لأنّ هذا الموصول أشبه اسم الشّرط ، كما تقدّم تقريره ، واسم الشرط لا يجوز أن ينتصب على الاشتغال ، لأنّه لا يعمل فيه ما قبله فلو نصبناه بفعل فقد لزم أن يعمل فيه ما قبله هذا ما قاله بعضهم ، ويقرب منه ما قاله أبو البقاء فإنّه قال : وإذا كان كذلك ، أي : كونه في حكم الشّرط لم يحسن النّصب ، لأنّ تقدير الفعل قبل أداة الشّرط لا يجوز ، وتقديره بعد الصّلة يحتاج إلى إضمار فعل غير قوله «فاستشهدوا» ؛ لأن «استشهدوا» لا يصحّ أن يعمل النصب في «اللاتي» ، وفي عبارته مناقشة يطول ذكرها.
__________________
(١) ينظر الدرر ١ / ٢٦٦ ، ولسان العرب (خلل) (لتا) ، وهمع الهوامع ١ / ٨٣ ، والدر المصون ٢ / ٣٢٩.
(٢) في ب : نحو أصف.