الآية متعدّ بنفسه ، فيكون أقوى ، إذ لا أثر لذلك في باب الاشتغال. والضمير المنصوب في «يأتيانها» للفاحشة.
وقرأ عبد الله (١) «يأتين بالفاحشة» ، أي : يجئن ، ومعنى قراءة الجمهور «يغشينها (٢) ويخالطنها».
وقرأ الجمهور «واللذان» بتخفيف النّون.
وقرأ ابن كثير (٣) «واللذانّ» هنا «واللذينّ» في السجدة [آية ٢٩] بتشديد النون ، ووجهها (٤) جعل إحدى النونين عوضا من الياء المحذوفة الّتي كان ينبغي أن تبقى ، وذلك أن «الّذي» مثل «القاضي» ، و «القاضي» تثبت ياؤه في التثنية فكان حقّ [«ياء»](٥) «الّذي» و «الّتي» أن تثبت في التثنية ، ولكنهم حذفوها ، إمّا لأنّ هذه تثنية على غير القياس ؛ لأنّ المبهمات لا تثنّى حقيقة ، إذ لا يثنى إلا ما ينكّر ، والمبهمات لا تنكر ، فجعلوا الحذف منبهة (٦) على هذا ، وإمّا لطول الكلام بالصّلة.
وزعم ابن عصفور أنّ تشديد النّون لا يجوز إلّا مع الألف كهذه الآية ، ولا يجوز مع الياء في الجرّ والنّصب.
وقراءة ابن كثير في «حم» السجدة (أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا) [فصلت : ٢٩] حجة عليه.
قال ابن مقسم (٧) : إنّما شدّد ابن كثير هذه النّونات لأمرين :
أحدهما : الفرق بين تثنية الأسماء المتمكنة وغير المتمكنة ، والآخر : أن «الّذي وهذا» مبنيان على حرف واحد وهو الذّال ، فأرادوا تقوية (٨) كل واحد منهما ، بأن (٩) زادوا على نونها نونا أخرى من جنسها.
وقيل : سبب التّشديد فيها أنّ النون فيها ليست نون التّثنية فأرادوا أن يفرّقوا بينها وبين نون التثنية.
وقيل : زادوا النّون تأكيدا كما زادوا اللام.
وقرىء (١٠) «اللّذأنّ» بهمزة (١١) وتشديد النون ، ووجهها أنه لمّا شدّد النون التقى ساكنان ، ففرّ من ذلك بإبدال الألف همزة ، وقد تقدّم تحقيق ذلك في الفاتحة [الآية : ٧].
__________________
(١) انظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢١ ، والبحر المحيط ٣ / ٢٠٥.
(٢) في ب : يغشاها.
(٣) انظر : الحجة ٣ / ١٤١ ، وحجة القراءات ١٩٣ ، ـ ١٩٥ ، والعنوان ٨٣ ، وإعراب القراءات ١ / ١٣٠ ، وشرح شعلة ٣٣٥ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٩٧ ، وإتحاف ١ / ٥٠٦.
(٤) في ب : توجيها.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : مبهما.
(٧) ينظر : تفسير الرازي ٩ / ١٩٠.
(٨) في أ : تقويته.
(٩) في أ : فإن
(١٠) في أ : وقرأ.
(١١) انظر : البحر المحيط ٣ / ٢٠٧ ، والدر المصون ٢ / ٣٣٢.