إذا لم يكفيها خادم واحد أنّ عليه أن يكفيها قدر كفايتها كابنة الخليفة والملك وشبههما ممن لا يكفيها خادم واحد ، وأنّ ذلك هو المعاشرة بالمعروف.
وقال الشّافعيّ وأبو حنيفة : لا يلزمه إلا خادم واحد ، وذلك يكفيها خدمة نفسها وليس في العالم امرأة إلا ويكفيها خادم واحد ، وهذا كالمقاتل تكون له أفراس فلا يسهم له إلّا بفرس واحد ؛ لأنه لا يقاتل إلا على فرس واحد ، قال علماؤنا : وهنا التشبيه غلط ؛ لأن مثل بنات الملوك اللائي لهن خدمة كثيرة لا يكفيها خادم واحد ، لأن إصلاح شأنها ومطبخها ، وغسيل ثيابها لا يكفيها خادم واحد يقوم بذلك.
قوله : (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى) (١) أي إن كرهتم عشرتهن بالمعروف وآثرتم فراقهن.
قوله : (فَعَسى) الفاء جواب الشرط ، وإنّما اقترنت بها عسى ؛ لأنها جامدة.
قال الزّمخشريّ (٢) : فإن قلت من أي وجه صح أن يكون فعسى جزاء للشرط؟
قلت : من حيث المعنى فإن كرهتموهن فاصبروا عليهن مع الكراهة ، فلعلّ لكم فيما تكرهون خيرا كثيرا ليس فيما تحبون.
ولهذا قال قتادة : فإنه فسر الخير الكثير بودّ يحصل فتنقلب الكراهة محبة ، والنفرة رغبة.
وقيل : ولد صالح (٣).
وقرىء (٤) ويجعل برفع اللام.
قال الزّمخشريّ على أنه حال يعني : ويكون خبر المبتدأ محذوف لئلا يلزم دخول الواو على مضارع مثبت ، و «عسى» هنا تامة ؛ لأنها رفعت أنّ وما بعدها ، والتقدير : فقد قربت كراهيتكم فاستغنت عن تقدير خبر ، والضمير في «فيه» يعود على شيء ، أي : في ذلك الشيء المكروه.
وقيل : يعود على الكره (٥) المدلول عليه بالفعل ، والمعنى (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَ) ورغبتم في مفارقتهن ، فربما جعل الله في تلك المفارقة لهن خيرا كثيرا ، وذلك بأن تتزوج غيره خيرا منه.
ونظيره قوله : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) [النساء : ١٣٠] وهذا قول
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر : الكشاف ١ / ٤٩١.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١٢٢) عن السدي وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٣٦) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وذكره أبو حيان في «البحر المحيط» (٣ / ٢١٤) عن ابن عباس والسدي.
(٤) قرأ بها عيسى بن عمر.
انظر : الشواذ ٢٥ ، والدر المصون ٢ / ٣٣٦.
(٥) في ب : المكروه.