قلوبهم ، ممقوتا عندهم ، وكانت العرب تقول لولد الرّجل من امرأة أبيه : «مقيت» وكان منهم الأشعث بن قيس ، أبو معيط بن أبي عمرو (١) بن أمية.
والثّالث : قوله : (وَساءَ سَبِيلاً) وأعلم أنّ مراتب القبح ثلاثة :
القبح العقليّ ، والقبح الشّرعيّ ، والقبح العاديّ ، فقوله : «فاحشة» إشارة إلى القبح العقلي ، وقوله (وَمَقْتاً) إشارة إلى القبح الشّرعي ، وقوله (وَساءَ سَبِيلاً) إشارة إلى القبح في العرف والعادة ، ومن اجتمع فيه هذه الوجوه فقد بلغ الغاية في القبح.
قوله (وَساءَ سَبِيلاً) في «ساء» قولان :
أحدهما : أنها جارية مجرى بئس في الذّمّ والعمل ، ففيها ضمير مبهم يفسّره ما بعده وهو (سَبِيلاً) والمخصوص بالذّمّ محذوف تقديره «وساء سبيل هذا النكاح» كقوله : «بئس الشراب» أي : ذلك الماء.
قال اللّيث (٢) : «ساء» فعل لازم وفاعله [مضمر ، و](٣) «سبيلا» منصوب تفسيرا لذلك الفاعل المحذوف كما قال (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩].
الثاني : أنّها لا تجري مجرى بئس في العمل ، بل هي كسائر الأفعال ، فيكون فيها (٤) ضمير يعود على ما عاد عليه الضّمير في (إِنَّهُ ؛) و (سَبِيلاً) على كلا التّقديرين تمييز وفي هذه الجملة وجهان:
أحدهما : أنها لا محل لها من الإعراب بل هي مستأنفة ويكون الوقف على قوله : ومقتا ، ثم يستأنف (وَساءَ سَبِيلاً) أي : وساء هذا السّبيل من نكاح من نكحهن من الآباء.
والثاني : أن يكون معطوفا على خبر كان ، على أنّه يجعل محكيا بقول مضمر ، ذلك القول هو المعطوف على الخبر ، والتقدير : ومقولا فيه (وَساءَ سَبِيلاً) فهكذا قدّره أبو البقاء (٥). ولقائل أن يقول يجوز أن يكون عطفا على خبر كان من غير إضمار قول ؛ لأنّ هذه الجملة في قوة المفرد ، ألا ترى أنه يقع خبرا بنفسه ، بقول : زيد ساء رجلا ، فغاية ما في الباب أنّك أتيت بأخبار كان أحدها مفرد والآخر جملة ، اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ هذه الجملة إنشائيّة ، والإنشائيّة لا تقع خبرا ل «كان» فاحتاج إلى إضمار القول ، وفيه بحث.
قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ
__________________
(١) في ب : أبي عمر.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ٢١.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : اسمها.
(٥) ينظر : الإملاء ١ / ١٧٣.
(١) في ب : أبي عمر.