والثاني : أنّه حال من الضّمير المستكن في قوله : (فِي حُجُورِكُمْ) لأنه لما وقع صلة تحمّل ضميرا أي : اللاتي استقررن في حجوركم.
فصل
قوله : (اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ) صفة لنسائكم المجرور ب «من» اشترط في تحريم الرّبيبة أنّ يدخل بأمها ، ولا جائز أن تكون صفة ل «نسائكم» الأولى والثانية لوجهين :
أحدهما : من جهة الصّناعة ، وهو أنّ نسائكم الأولى مجرورة بالإضافة ، والثّانية مجرورة بمن فقد احتمل العاملان ، وإذا اختلفا امتنع النعت لا تقول : رأيت زيدا ، ومررت بعمرو العاقلين ، على أن يكون العاقلين صفة لهما.
والثّاني : من جهة المعنى ، وهو أن أم المرأة تحرم بمجرد العقد على البنت دخل بها أو لم يدخل بها عند الجمهور ، والرّبيبة لا تحرم إلا بالدّخول على أمّها ، وفي كلام الزمخشريّ ما يلزم منه أنّه يجوز أن يكون هذا الوصف راجعا إلى الأولى في المعنى ، فإنه قال : من نسائكم متعلق ب (رَبائِبُكُمُ) ومعناه : أنّ الرّبيبة من المرأة المدخول بها محرّمة على الرّجل حلال له إذا لم يدخل بها.
فإن قلت : هل يصحّ أن يتعلّق بقوله (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) قلت : لا يخلو إمّا أن يتعلّق بهن ، وبالرّبائب فتكون حرمتهنّ ، وحرمة الرّبائب غير مبهمتين جميعا ، وإمّا أن يتعلّق بهنّ دون الرّبائب ، فتكون حرمتهنّ غير مبهمة وحرمة الرّبائب مبهمة ، فلا يجوز الأوّل ؛ لأن معنى «من» مع أحد المتعلّقين خلاف معناها مع الآخر ، ألا ترى أنّك إذا قلت : وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ، فقد جعلت «من» لبيان النّساء ، وتمييزا للمدخول بهنّ [من غير المدخول بهن](١) وإذا قلت : وربائبكم من نسائكم التي دخلتم بهن ، فإنّك جاعل «من» لابتداء الغاية ، كما تقول بنات رسول الله صلىاللهعليهوسلم [من خديجة](٢) ، وليس بصحيح أن يعنى بالكلمة الواحدة في خطاب واحد معنيين مختلفين ، ولا يجوز الثّاني ؛ لأن الذي يليه هو الذي يستوجب التعليق [به](٣) ، ما لم يعرض أمر لا يردّ إلّا أن تقول أعلّقه بالنّساء والرّبائب ، وأجعل «من» للاتصال كقوله تعالى (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) [التوبة : ٦٧] وقال : [الوافر]
١٧٧٦ ـ ............ |
|
فإني لست منك ولست مني (٤) |
وقوله : «ما أنا من الدّد ولا الدّد منّي» (٥). وأمهات النّساء متصلات بالنّساء ؛ لأنّهنّ
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في ب.
(٤) تقدم.
(٥) أخرجه البيهقي (١٠ / ٢١٧) والطبراني (١٩ / ٣٤٤) والعقيلي (٤ / ٤٢٧) وابن عدي (٧ / ٢٦٩٨) عن انس بن مالك مرفوعا. ـ