(وَالْمُحْصَناتُ) في هذه الآية فإنّه وافق الجمهور فأما الفتح ففيه وجهان (١) :
أشهرهما (٢) : أنّه أسند الإحصان إلى غيرهن ، وهو إما الأزواج أو الأولياء ، فإنّ الزّوج يحصن امرأته أي يعفها ، والولي يحصنها بالتّزويج أيضا والله يحصنها بذلك.
والثّاني : أنّ هذا المفتوح الصاد بمنزلة المكسور منها (٣) ، يعني : أنه اسم فاعل ، وإنّما شذ فتح عين اسم الفاعل في ثلاثة ألفاظ أحصن ، فهو محصن ، وألقح فهو ملقح ، وأسهب فهو مسهب ، وأمّا الكسر فإنّه أسند الإحصان إليهن ؛ لأنّهنّ يحصن أنفسهن بعفافهن ، أو يحصن فروجهن بالحفظ ، أو يحصن أزواجهن ، وأمّا استثناء الكسائي الآية التي (٤) هنا قال : لأن المراد بهن المزوّجات ، [فالمعنى أنّ أزواجهن أحصنوهن فهنّ مفعولات ، وهذا على أحد الأقوال في المحصنات هنا منهنّ على أنّه قد قرىء شاذا بالكسر في هذا أيضا قال : وإن أريد بهن المزوّجات] ؛ لأنّ المراد أحصن أزواجهن ، أو فروجهن وهو ظاهر.
وقرأ يزيد بن (٥) قطيب : «والمحصنات» بضمّ الصّاد كأنّه لم يعتد بالساكن فأتبع الصّاد للميم كقولهم : «منتن» ، وأصل هذه المادة الدّلالة على المنع ومنه الحصن ؛ لأنّه يمنع به ، و «حصان» بالكسر للفرس من ذلك ، ومدينة حصينة ودرع حصينة أي : مانعة صاحبها من الجراح ، قال تعالى (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ)(٦) [الأنبياء : ٨٠] أي : لتمنعكم ، والحصان : بالفتح المرأة العفيفة ؛ لمنعها فرجها من الفساد ، قال تعالى : (الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ) [التحريم : ١٢] ، ويقال : أحصنت المرأة وحصنت ، ومصدر حصنت : «حصن» عن سيبويه ، و «حصانة» عن الكسائيّ ، وأبي عبيدة ، واسم الفاعل من أحصنت (٧) محصنة ، ومن حصنت حاصن ، قال الشاعر : [الرجز]
١٧٨٠ ـ حاصن من حاصنات ملس |
|
من الأذى ومن قراف الوقس (٨) |
ويقال لها «حصان» كما تقدم [بفتح الحاء](٩) قال [حسّان](١٠) يصف عائشة رضي الله عنها : [الطويل]
١٧٨١ ـ حصان رزان ما تزنّ بريبة |
|
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل (١١) |
__________________
(١) في أ : لغتان.
(٢) في أ : أحدهما.
(٣) في أ : لمكسورها.
(٤) في أ : الذي.
(٥) انظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٥ ، والبحر المحيط ٣ / ٢٢٢ ، والدر المصون ٢ / ٣٤٤.
(٦) في أ : فيحصنكم.
(٧) في أ : حصينا.
(٨) البيت للعجاج ينظر ديوانه ٢ / ٢٠٩ والبحر ٣ / ٢٠٣. والطبري (٨ / ١٦٥) والدر المصون ٢ / ٣٤٤.
(٩) سقط في أ.
(١٠) سقط في أ.
(١١) ينظر البيت في ديوانه ص ٢٢٨ ، والإنصاف ٢ / ٧٥٩ ، ولسان العرب (حصن) ، وإصلاح المنطق ص ٢٨٠ ، والدر المصون ٢ / ٣٤٤.