البناء للفاعل ، فمعنى الأوّل أحصن بالتزويج فالمحصن بهنّ هو الزوج ، هكذا قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد (١).
ومعنى الثّانية : «وأحصن فروجهن أو أزواجهن».
وقال عمر وابن مسعود والشعبيّ والنخعيّ والسديّ : أسلمن (٢)(٣). وطعنوا في هذا الوجه بأنّه تعالى وصف الاماء بالإيمان في قوله (فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) ويبعد أن يقال : فتياتكم المؤمنات ، ثم يقال : فإذا آمن فإن حالهن كذا وكذا ، ويمكن جوابه بأنّه تعالى حكم حكمين :
الأوّل : حال نكاح الإماء فاعتبر الإيمان فيه بقوله : (فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ).
والثّاني : ما يجب عليهنّ عند إقدامهن على الفاحشة ، فذكر [حال](٤) إيمانهنّ أيضا في هذا الحكم وهو قوله تعالى (فَإِذا أُحْصِنَّ).
قوله : (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ) الفاء في «فإن» جواب «إذا» وفي «فعليهن» جواب «إن» فالشّرط الثّاني وجوابه مترتّب على وجود الأوّل ، ونظيره : إن أكلت فإن ضربت عمرا فأنت حرّ ، لا يعتق (٥) حتى يأكل أولا ، ثم يضرب عمرا ثانيا ولو (٦) أسقطت الفاء الدّاخلة على «إن» في مثل هذا التّركيب انعكس (٧) الحكم ، ولزم أن يضرب أولا ثمّ يأكل ثانيا ، وهذا يعرف من قواعد النّحو ، وهو أن الشّرط الثّاني يجعل حالا ، فيجب التّلبّس به أولا.
قوله : (مِنَ الْعَذابِ) متعلق بمحذوف ؛ لأنّه حال من الضّمير المستكن في صلة «ما» وهو «على» ، فالعامل فيها معنوي ، وهو في الحقيقة ما تعلّق به هذا الجار ، ولا يجوز أن يكون حالا من «ما» المجرورة بإضافة «نصف» إليها ؛ لأنّ الحال لا بدّ أن يعمل فيها [ما يعمل](٨) في صاحبها [إن](٩) و «نصف» هو العامل في صاحبها الخفض بالإضافة ، ولكنه لا يعمل في الحال ، لأنّه [ليس](١٠) من الأسماء العاملة إلا أنّ بعضهم يرى أنّه إذا كان
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٢٠١ ـ ٢٠٢) عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٥٥) عن ابن عباس وزاد نسبته لابن أبي شيبة.
(٢) في أ : أسلم.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٢٠٠ ـ ٢٠١) عن ابن مسعود والشعبي والنخعي والسدي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٥٥) عن ابن مسعود وزاد نسبته لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني.
(٤) سقط في ب.
(٥) في أ : تعتق.
(٦) في أ : وإذا.
(٧) في أ : العكس.
(٨) سقط في أ.
(٩) سقط في ب.
(١٠) سقط في ب.