وعن ميمون بن مهران : والجار ذي القربى ، أريد به الجار القريب (١) ، قال ابن عطيّة (٢) : وهذا خطأ ؛ لأنّه على تأويله جمع بين (٣) أل والإضافة ، إذ كان وجه الكلام : وجار ذي القربى [الجار القريب](٤) ، ويمكن (٥) جوابه على أن ذي القربى ، بدل (٦) من الجارّ على حذف مضاف ، أي : والجار ذي القربى ؛ كقوله : [الخفيف]
١٧٩٣ ـ نصر الله أعظما دفنوها |
|
بسجستان طلحة الطّلحات (٧) |
أي : أعظم طلحة ، [ومن كلامهم](٨) : لو يعلمون العلم الكبيرة سنه ، أي : علم الكبيرة سنّه ، فحذف البدل لدلالة الكلام عليه.
وقرأ (٩) بعضهم : «والجار ذا القربى» نصبا ، وخرجه الزمخشري (١٠) على الاختصاص لقوله ـ تعالى ـ : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) [البقرة : ٢٣٨] والجنب صفة على فعل ، نحو : «ناقة سرح» ، ويستوي فيه المفرد والمثنّى والجموع ، مذكرا أو مؤنّثا ، نحو : «رجال جنب» وقال ـ تعالى ـ : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) [المائدة : ٦] ، وبعضهم يثنيه ويجمعه ، ومثله : شلل ، وعن عاصم (١١) : والجار الجنب ، بفتح الجيم وسكون النون وهو وصف أيضا بمعنى المجانب ، كقولهم : رجل عدل ، وألف الجار عن واو ؛ لقولهم : تجاوروا ، وجاورته ، ويجمع على جيرة وجيران ، والجنابة البعد ؛ قال : [الطويل]
١٧٩٤ ـ فلا تحرمنّي نائلا عن جنابة |
|
فإنّي امرؤ وسط القباب غريب (١٢) |
لأن الإنسان يترك جانبا ، ومنه (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) (١٣) [إبراهيم : ٣٥] ، وأصله من الجنابة ، ضدّها القرابة ، وهو البعد ، يقال : رجل جنب ، إذا كان غريبا متباعدا عن أهله ، ورجل أجنبيّ ، وهو البعيد منك في القرابة ، ومنه الجنابة من الجماع ؛ لتباعده عن الطّهارة وعن الصّلاة حتّى يغتسل ، وهذان الجنبان ؛ لبعد كلّ واحد منهما عن الآخر.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٣٢٦) عن ميمون بن مهران.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٥٠.
(٣) في أ : عين.
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : وعين.
(٦) في أ : بل.
(٧) تقدم برقم ٧٦.
(٨) سقط في ب.
(٩) وهي قراءة أبي حيوة وابن أبي عبلة.
انظر : المحرر الوجيز ٢ / ٥٠ ، والبحر المحيط ٣ / ٢٥٥ ، والدر المصون ٢ / ٣٦٠ ، والشواذ ٢٦.
(١٠) ينظر : الكشاف ١ / ٥٠٩.
(١١) انظر : السبعة ٢٣٣ ، والحجة ٣ / ١٥٧ ، وإتحاف ١ / ٥١١ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٥٠ ، والبحر المحيط ٣ / ٢٥٥ ، والدر المصون ٢ / ٣٦١.
(١٢) البيت لعلقمة : ينظر ديوانه (٤٨) والمفضليات (٣٩٤) والبحر ٣ / ٢٤٠ والدر المصون ٢ / ٣٦١.
(١٣) سقط في ب.