يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا (١) بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) ؛ وكذا (٢) الباء إشعارا بأنّ الإيمان منتف عن كلّ على حدته [كما](٣) لو قلت : لا أضرب زيدا أو عمرا ، احتمل نفي الضّرب عن المجموع ، ولا يلزم منه نفي الضّرب عن كل واحد على انفراده ، [واحتمل نفيه عن كلّ واحد بالقران](٤).
وإذا قلت : ولا عمرا ، تعيّن هذا الثّاني.
قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) :
قوله : (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً) أي : صاحبا وخليلا ، والمعنى : أن الشّيطان قرين لأصحاب هذه الأفعال.
قال القرطبي (٥) : في الكلام إضمار ، تقديره : (وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) فقرينهم الشّيطان (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً).
قوله : (فَساءَ قَرِيناً) وفي «فساء» هذه احتمالان :
أحدهما : أنّها نقلت إلى الذّمّ ، فجرت مجرى «بئس» ، ففيها ضمير فاعل لها مفسّر بالنكرة بعده ، وهو (قَرِيناً) والمخصوص بالذّمّ محذوف ، أي : فساء قرينا هو ، وهو عائد [إما] على الشّيطان ، وهو الظّاهر ، وإمّا على «من» ، وقد تقدّم حكم نعم وبئس.
الثاني : على بابها ، فهي متعدّية ، ومفعولها محذوف ، و «قرينا» على هذا منصوب على الحال أو على القطع ، والتّقدير : فساءه ، أي : فساء الشّيطان مصاحبة.
قال القرطبي (٦) : (قَرِيناً) منصوب على التّمييز ، واحتجّوا للوجه الأوّل بأنّه كان ينبغي أن يحذف الفاء من «فساء» ، أو تقترن به «قد» ؛ لأنه حينئذ فعل متصرّف ماض ، وما كان كذلك ووقع جوابا للشّرط ، تجرّد من الفاء أو اقترن ب «قد» ، هذا معنى كلام أبي حيّان (٧).
قال شهاب الدين (٨) : وفيه نظر ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ) [النمل : ٩٠](وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ) [يوسف : ٢٧] مما يؤوّل به هذا ونحوه يتأوّل به هذا ، وممّن ذهب إلى أن (قَرِيناً) منصوب على الحال ابن عطيّة (٩) ، ولكن يحتمل أن يكون قائلا بأن «ساء» متعدّية ، وأن يكون قائلا برأي الكوفيّين ، فإنّهم ينصبون
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : لهذا.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في ب. وفي الدر المصون «بانفراده بدل القرآن».
(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ١٢٦.
(٦) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ١٢٧.
(٧) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٢٥٩.
(٨) ينظر : الدر المصون ٢ / ٣٦٣.
(٩) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٥٣ ، وعبارة المحرر : منصوب على التمييز.