وقرأ ابن (١) مسعود : «من الغيط» وفيه قولان :
أحدهما : وإليه ذهب ابن جني (٢) : أنه مخفّف من «فيعل» ؛ كهين ، وميت [في هيّن وميّت](٣).
والثاني : أنه مصدر على وزن «فعل» قالوا : غاط يغيط غيطا ، وغاط يغوط غوطا.
وقال أبو البقاء (٤) : هو مصدر «يغوط» فكان القياس «غوطا» فقلبت الواو ياء ، و [إن](٥) سكّنت وانفتح ما قبلها لخفّتها كأنه لم يطّلع على أنّ فيه لغة أخرى من ذوات الياء حتى ادّعى ذلك.
قوله : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) قرأ الأخوان (٦) هنا ، وفي المائدة : «لمستم» ، والباقون : «لامستم» ، [فقيل](٧) فاعل بمعنى فعل ، وقيل لمس : جامع ، ولامس : لما دون الجماع.
قال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة : كنّي باللّمس عن الجماع (٨) ؛ لأن اللّمس يوصل (٩) إلى الجماع ، ولأن اللّمس والمسّ (١٠) وردا في القرآن كناية عن الجماع [في](١١) قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) [المجادلة : ٣] ، و (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) [البقرة : ٢٣٧] ولأن الحدث الأصغر مذكور في قوله : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) فلو حمل
__________________
(١) وقرأ بها قتادة والزهري.
ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٥٨ ، والبحر المحيط ٣ / ٢٦٩ ، والدر المصون ٢ / ٣٧٠.
(٢) ينظر : المحتسب ١ / ١٩٠.
(٣) سقط في أ.
(٤) ينظر : الإملاء ١ / ١٨١.
(٥) سقط في ب.
(٦) ينظر : السبعة ٢٣٤ ، والحجة ٣ / ١٦٣ ، وحجة القراءات ٢٠٤ ، ٢٠٥ ، والعنوان ٨٤ ، وإعراب القراءات ١ / ١٣٤ ، وشرح شعلة ٣٤٠ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢٠٧ ، وإتحاف ١ / ٥١٣.
(٧) سقط في ب.
(٨) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٣٨٩ ، ٣٩٠ ، ٣٩١ ، ٣٩٢) عن ابن عباس وقتادة والحسن ومجاهد.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٩٧) عن ابن عباس وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عنه وأخرجه الطبري (٨ / ٣٩٢) عن علي بن أبي طالب.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٩٧) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٩) في أ : يفصل.
(١٠) واللمس والمسّ : إدراك بظاهر البشرة ، وغلب في عبارة الفقهاء اللّمس بين الرجل والمرأة ، والمسّ في الذّكر بباطن الكفّ ؛ كقولهم : الوضوء من اللمس والمسّ ، ومن اللمس بمعنى مسّ البشرة قوله تعالى : فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ. وقد يعبّر به عن الوصول إلى الشيء ، ومنه قوله تعالى : وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ. وفي الحديث : «نهى عن الملامسة» فيه تفسيران : أحدهما أنه كان يقول : إذا لمست ثوبك أو لمست ثوبي فقد وجب البيع. والثاني أن يلمس المتاع من وراء ثوب ولا ينظر إليه ثم يوقع البيع عليه ، وهذا أحد أنواع بياعات الجاهلية ؛ كالمنابذة وبيع الحصاة ونحوها ، نهى الشارع عنها للغرر.
واللّماسة والمماسة : المقاربة.
ينظر : عمدة الحفاظ ٤ / ٤٧ ، النهاية ٤ / ٢٦٩.
(١١) سقط في ب.