الآية ، قام رجل ، فقال (١) : والشّرك يا رسول الله ، فسكت ، ثم قام إليه مرّتين ، أو ثلاثا ؛ فنزلت : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ)(٢) الآية ، قال مطرّف بن الشّخّير : قال ابن عمر : كنّا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا مات الرجل على كبيرة ، شهدنا أنّه من أهل النّار ؛ حتى نزلت هذه الآية ، فأمسكنا عن الشّهادات (٣).
حكي عن عليّ ـ رضي الله عنه ـ أنّ هذه الآية أرجى آية في القرآن (٤).
قوله : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ ،) كلام مستأنف ، وليس عطفا على (يَغْفِرُ) الأوّل ؛ لفساد المعنى ، والفاعل في (يَشاءُ) ضمير عائد على الله تعالى ، ويفهم من كلام الزمخشريّ : أنّه ضمير عائد على من في «لمن» لأنّ المعنى عنده : إنّ الله لا يغفر الشّرك لمن لا يشاء أن يغفر له ؛ لكونه مات على الشّرك ، غير تائب منه ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء أن يغفر له ، بكونه (٥) مات تائبا من الشّرك ، و (لِمَنْ يَشاءُ) متعلّق ب (يَغْفِرُ).
قوله : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) أي : اختلق ذنبا غير مغفور.
يقال : افترى فلان الكذب ، إذا اعتمله ، واختلقه ، وأصله : من الفري ، بمعنى : القطع.
روى جابر قال : أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم رجل ، فقال : يا رسول الله ، ما الموجبتان؟ قال (٦) من مات لا يشرك بالله شيئا ، دخل الجنّة ، ومن مات يشرك بالله شيئا ، دخل النّار (٧).
__________________
(١) في ب : قال.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٤٤٩ ، ٤٥٠) عن ابن عمر وذكره ابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٤٨١) ثم قال : وقد رواه ابن مردويه من طرق عن ابن عمر وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٠٢) عن أبي مجلز وعزاه لابن المنذر.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٤٥٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٠٢) وزاد نسبته للبزار وابن أبي حاتم عن ابن عمر.
وللحديث شاهد قوي عن ابن عمر :
أخرجه أبو يعلى (١٠ / ١٢٦) وابن الضريس وابن المنذر وابن عدي كما في «الدر المنثور» (٢ / ٣٠٢).
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٧ / ٥) وقال : ورجاله رجال الصحيح غير حرب بن سريج وهو ثقة. ولفظه : كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء» [النساء : ٣٨] فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا.
(٤) ينظر : معالم التنزيل ١ / ٤٤٠.
(٥) في ب : لكونه.
(٦) في ب : فقال.
(٧) أخرجه البخاري (١ / ٢٧٢) كتاب العلم : باب من خص بالعلم قوما (١٢٨ ـ ١٢٩) ومسلم (١ / ٥٨) كتاب الإيمان : باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة (٤٨ / ٣٠) ، (٤٩ / ٣٠) وأبو عوانة (١ / ١٧) والبيهقي (٧ / ٤٤) والبغوي في «شرح السنة» (١ / ١١٢) من حديث جابر بن عبد الله.