فإن قيل : إنّما لم يجعله أبو عليّ من ذلك ؛ لأنّه يؤدّي إلى تخصيص الظّرف الثّاني بما وقع في الأوّل ، وهو أنّه تراها كشبه أردية العصب في اليوم الأوّل والثاني ؛ لأنّ حكم [المعطوف حكم](١) المعطوف عليه ، فهو نظير قولك : ضربت زيدا يوم الجمعة ، ويوم السّبت ، ف «يوم» السّبت مقيّد بضرب [زيد كما يقيّد به يوم الجمعة ، لكن الغرض أنّ اليوم الثّاني في البيت مقيّد بقيد آخر](٢) وهو رؤية أديمها نغلا.
فالجواب : أنه (٣) لو تركنا [و](٤) الظّاهر من غير تقييد (٥) الظّرف الثّاني بمعنى آخر كان الحكم كما ذكرت [لأن الظاهر كما ذكرت](٦) في مثالك : ضربت زيدا يوم الجمعة [وعمرا](٧) يوم السّبت [أما إذا قيّدته بشيء آخر ، فقد تركت ذلك الظّاهر لهذا النص ، ألا تراك تقول : ضربت زيدا يوم الجمعة ، وعمرا يوم السّبت](٨) ، فكذلك هذا ، وهو موضع يحتاج لتأمّل.
وأما (فَبَشَّرْناها (٩) بِإِسْحاقَ) ، فيعقوب ليس مجرورا عطفا على إسحاق ، بل منصوبا بإضمار فعل أي : ووهبنا لها (١٠) يعقوب ، ويدلّ عليه قراءة الرّفع ، فإنّها مؤذنة بانقطاعه من البشارة [به](١١) ، كيف وقد تقدّم أنّ هذا القائل يقول : إنّه متى كان المعطوف عليه مجرورا ، أعيد مع المعطوف الجار. [و](١٢) أما «أن يؤدوا الأمانات» (١٣) ، فلا دلالة فيها أيضا ؛ لأن «إذا» ظرف لا بدّ له من عامل ، وعامله إما (أَنْ تَحْكُمُوا) وهو الظّاهر من حيث المعنى ، وإما (يَأْمُرُكُمْ) فالأوّل ممتنع ، وإن كان المعنى عليه ؛ لأنّ ما في حيز الموصول لا يتقدّم عليه عند البصريين ، وأمّا الكوفيّون فيجوّزون ذلك ، ومنه الآية عندهم ، واستدلّوا بقوله : [الرجز]
١٨١١ ـ ............ |
|
كان جزائي بالعصا أن أجلدا (١٤) |
وقد جاء ذلك في المفعول الصّريح في قوله : [الكامل]
١٨١٢ ـ .............. |
|
وشفاء غيّك خابرا أن تسألي (١٥) |
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : أنا.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : يفسد.
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في ب.
(٨) سقط في أ.
(٩) في ب : فبشرنا.
(١٠) في ب : له.
(١١) سقط في أ.
(١٢) سقط في ب.
(١٣) في ب : لأن تردوا الأمانات.
(١٤) تقدم برقم ٧٩٤.
(١٥) عجز بيت وصدره :
هلا سألت وخير قوم عندهم
والبيت لامرأة من بني سليم. ينظر : الحماسة البصرية ٢ / ٢٧ ، ولها أو لربيعة بن مقروم. ينظر : خزانة الأدب ٨ / ٤٣٣ ، ٤٣٥ ، ولسان العرب (خير).