معطوف على (أَنْ تُؤَدُّوا ،) أي : يأمركم بتأدية الأمانات والحكم بالعدل ، فيكون قد فصل بين حرف العطف ، والمعطوف بالظّرف. وهي مسألة خلاف ذهب الفارسيّ إلى منعها إلّا في الشّعر.
وذهب غيره إلى جوازها مطلقا ، ولنصحّح محلّ الخلاف أولا : فنقول : إن حرف العطف إذا كان على حرف واحد كالواو ، والفاء هل (١) يجوز أن يفصل بينه ، وبين ما عطفه بالظّرف وشبهه أم لا؟.
فذهب الفارسيّ إلى منعه مستدلا بأنّه إذا كان على حرف واحد ، فقد ضعف ، فلا يتوسّط بينه ، وبين ما عطفه شيء إلّا في ضرورة كقوله : [المنسرح]
١٨١٠ ـ يوما تراها كشبه أردية ال |
|
عصب ويوما أديمها نغلا (٢) |
تقديره : وترى أديمها نغلا يوما ، [ففصل ب «يوما»](٣) ، وذهب غيره إلى جوازه مستدلا
بقوله : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) [البقرة : ٢٠١] ، (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) [هود : ٧١] ، (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا (٤) فَأَغْشَيْناهُمْ)(٥) [يس : ٩](اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) [الطلاق : ١٢]. (أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ) [الآية](٦) ، وقال صاحب هذا القول : إنّ المعطوف عليه إذا كان مجرورا بحرف ، أعيد ذلك الحرف المعطوف نحو : امرر (٧) بزيد وغدا بعمرو ، وهذه الشّواهد لا دليل فيها (٨).
أمّا (فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) ، وقوله (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) [يس: ٩] ، فلأنه (٩) عطف شيئين على شيئين : عطف الآخرة على الدّنيا بإعادة الخافض وعطف حسنة الثانية على حسنة الأولى ، وكذلك عطف (مِنْ خَلْفِهِمْ) على (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) و «سدّا» على «سدّا» ، وكذلك البيت عطف فيه «أديمها» على المفعول الأوّل ل «تراها» ، و «نغلا» على الثاني وهو كشبه (١٠) و «يوما» الثّاني على «يوما» الأوّل ، فلا فصل فيه حينئذ ، [وحينئذ](١١) يقال : [ينبغي](١٢) لأبي عليّ أن يمنع مطلقا ، ولا يستثني الضّرورة ، فإن (١٣) ما استشهده به مؤوّل (١٤) على ما ذكرناه.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : والفاعل.
(٣) تقدم برقم ٧٨٦.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في أ.
(٦) سقط في ب.
(٧) سقط في ب.
(٨) في ب : أمس.
(٩) في ب : لها.
(١٠) في ب : فأنه.
(١١) في ب : شبيه.
(١٢) سقط في أ.
(١٣) سقط في أ.
(١٤) في أ : قال.