١٨٣٦ ـ شاده مرمرا وجلّله كل |
|
سا فللطّير في ذراه وكور (١) |
ويقال : «أشاد» أيضا ، فيكون فعل وأفعل بمعنى.
قال الزّمخشريّ (٢) : شاد القصر إذا رفعه أو طلاه بالشّيد ، وهو الجصّ وهذا قول عكرمة ، وقال قتادة (٣) [معناه :](٤) في قصور محصّنة ، وقال السّدّيّ في بروج في سماء الدّنيا مبنيّة ، وهي بروج الفلك الاثني عشر ، وهذا القول محكيّ عن مالك ، ومعنى مشيدة ، [أي](٥) مادّة من الرّفع ؛ وهي الكواكب العظام.
وقيل للكواكب : بروج ، لظهورها من برج يبرج (٦) إذا ظهر وارتفع ، ومنه : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى).
وخلقها الله ـ تعالى ـ في منازل للشّمس والقمر ، وقدّره فيها ، ورتّب الأزمنة عليها.
قوله : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ) نزلت في المنافقين واليهود ؛ وذلك أنّهم قالوا لما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة : ما زلنا نعرف النّقص في ثمارنا ومزارعنا مذ قدم هذا الرّجل وأصحابه.
قال الله ـ تعالى ـ (وَإِنْ تُصِبْهُمْ) يعني : اليهود «حسنة» أي : خصب ورخص في السّعر ، (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ) لنا (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) يعني : الجدب وغلاء الأسعار ، (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) أي : من شؤم محمّد وأصحابه ، وكيفيّة النّظم : أنّه ـ تعالى ـ لما حكى [عنهم](٧) كونهم [متثاقلين عن الجهاد خائفين من الموت راغبين في متاع الدنيا ، حكى عنهم](٨) في هذه الآية خصلة أخرى أقبح من الأولى.
وفي النّظم وجه آخر ؛ وهو أنّ الخائفين من الموت ، المتثاقلين في الجهاد من عادتهم أنّهم إذا جاهدوا وقاتلوا ، فإن أصابوا ظفرا أو غنيمة ، قالوا : هذه من عند الله ، وإن أصابهم مكروه ، قالوا : هذه من شؤم مصاحبة محمّد صلىاللهعليهوسلم.
فعلى هذا يكون المراد ب «الحسنة» : الظفر والغنيمة يوم بدر ، وب «السيئة» : القتل والهزيمة يوم أحد ، وهذا نظير قوله : (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) [الأعراف : ١٣١].
__________________
(١) البيت لعدي بن زيد لا كما قال المصنف ينظر ديوانه (٨٨) واللسان (شيد) والدر المصون ٢ / ٣٩٩ والكامل ١ / ٩٠.
(٢) ينظر : الكشاف ١ / ٥٣٨.
(٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٤٥٤.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : يبرج برج.
(٧) سقط في أ.
(٨) سقط في أ.