خلاف : فعلى الأوّل : «أصابك» في محلّ جزم بالشّرط ، وعلى الثّاني : لا محلّ له ؛ لأنه صلة.
و (مِنْ حَسَنَةٍ) الكلام فيه كالكلام في قوله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) [البقرة : ١٠٦] وقد تقدّم ، والفاء في (فَمِنَ اللهِ) جواب الشّرط على الأول وزائدة على الثّاني ، والجارّ بعدها خبر لمبتدأ محذوف ، تقديره : فهو من الله ، والجملة : إمّا في محلّ جزم أو رفع على حسب القولين.
واختلف في كاف الخطاب : فقيل : المراد كلّ أحد ، وقيل : الرّسول والمراد أمته ، وقيل : الفريق في قوله : (إِذا فَرِيقٌ ،) وذلك لأنّ «فريقا» اسم جمع فله لفظ ومعنى ، فراعى لفظه فأفرد ؛ كقوله : [الطويل]
١٨٣٧ ـ تفرّق أهلانا ببين فمنهم |
|
فريق أقام واستقلّ فريق (١) |
وقيل في قوله : (فَمِنْ نَفْسِكَ :) إنّ همزة الاستفهام محذوفة ، تقديره : أفمن نفسك ، وهو كثير ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها) [الشعراء : ٢٢] وقوله ـ تعالى ـ : (بازِغاً قالَ هذا رَبِّي) [الأنعام : ٧٧]. ومنه : [الطويل]
١٨٣٨ ـ رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع |
|
فقلت وأنكرت الوجوه هم هم (٢) |
وقوله : [المنسرح]
١٨٣٩ ـ أفرح أن أرزأ الكرام وأن |
|
أورث ذودا شصائصا نبلا (٣) |
تقديره : وأ تلك ، وأ هذا ربّي ، وأهم هم ، وأفرح ، وهذا لم يجزه من النّحاة إلا الأخفش (٤) ، وأمّا غيره فلم يجزه إلا قبل «أم» ؛ كقوله : [الطويل]
١٨٤٠ ـ لعمرك ما أدري وإن كنت داريا |
|
بسبع رمين الجمر أم بثمان (٥) |
__________________
(١) ينظر البيت في البحر المحيط ٣ / ٣١٢ والدر المصون ٢ / ٤٠٠.
(٢) لما لم يغاير الخبر المبتدأ كان مقصودا به الشهرة أو عدم التغير ؛ كالبيت السابق ، وجملة (هم هم) مبتدأ وخبر مقصودا بها الشهرة وعدم التغير ، ويرى الفارقي في «الإفصاح» : أن هذا الكلام ظاهر الإثبات وليس كذلك ، وإنما يريد : (أهم هم) يدل على هذا قوله : (وأنكرت الوجوه) ، فلا يكون مع الإنكار إثبات ، وإنما يكون معه الاستفهام ، إذ هو جهل وشك.
والبيت لأبي خراش الهذلي.
ينظر الخصائص ١ / ٢٤٧ ، ٣ / ٣٧٧ ، ديوان الهذليين ٢ / ١٤٤ ، شرح السكري ١٢١٧ الكافية ١ / ٩٧.
وتذكرة النحاة ص ٥٧١ والمعاني الكبير ص ٩٠٢ وجمهرة اللغة ص ٧٨٨ وأمالي المرتضى ١ / ٣٥٠ ولسان العرب (روع) والدر المصون ٢ / ٤٠٠ ، والخزانة ١ / ٤٤٤.
(٣) تقدم برقم ٣٦٣.
(٤) ينظر : معاني القرآن (٤٢٦).
(٥) تقدم برقم ٣٦٤.