والثالث : أنها مستأنفة لا محلّ لها من الإعراب ، وقد تقدّم إعراب (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [البقرة : ٢٥٥] و (لا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة : ٢] في البقرة.
قوله : (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها على بابها من انتهاء الغاية ، قال أبو حيان (١) : ويكون الجمع في القبور ، أو تضمّن «ليجمعنكم» معنى «ليحشرنكم» فيعدّى ب «إلى» ، يعني : أنه إذا ضمّن الجمع معنى الحشر لم يحتج إلى تقدير مجموع فيه.
وقال أبو البقاء (٢) ـ بعد أن جوّز فيها أن تكون بمعنى «في» ـ : «وقيل : هي على بابها ، أي : ليجمعنّكم في القبور ؛ فعلى هذا يجوز أن يكون مفعولا به ، ويجوز أن يكون حالا ، أي : ليجمعنّكم مفضين إلى حساب يوم القيامة» يريد بقوله «مفعولا به» : أنه فضلة كسائر الفضلات ، نحو : «سرت إلى الكوفة» ولكن لا يصحّ ذلك إلا بأن يضمّن الجمع معنى الحشر كما تقدّم ، وأمّا تقديره الحال ب «مفضين» فغير جائز ؛ لأنّه كون مقيّد.
والثاني : أنّها بمعنى «في» أي : في يوم القيامة ، ونظيره قول النّابغة : [الطويل]
١٨٨٥ ـ فلا تتركنّي بالوعيد كأنّني |
|
إلى النّاس مطليّ به القار أجرب (٣) |
أي : في النّاس.
والثالث : أنها بمعنى «مع» ، وهذا غير واضح المعنى.
قال القرطبي : وقيل : «إلى» وصلة في الكلام ، والمعنى : «ليجمعنكم» يوم القيامة والقيامة بمعنى القيام كالطّلابة والطّلاب ؛ قالوا : ودخلت التاء فيه للمبالغة ، كعلّامة ونسّابة ؛ لشدّة ما يقع فيه من الهول ، وسمّي بذلك لقيام الناس فيه للحساب ؛ قال تعالى : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [المطففين : ٦].
وقال الزّجّاج : يجوز أن يقال : سميّت القيامة قيامة ؛ لقيام الناس من قبورهم ؛ قال ـ تعالى ـ : (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) [المعارج : ٤٣].
والجملة من قوله : (لا رَيْبَ فِيهِ) فيها وجهان :
أحدهما : أنّها في محلّ نصب على الحال من «يوم» ، فالضّمير في «فيه» يعود عليه.
والثاني : أنها في محلّ نصب نعتا لمصدر محذوف دلّ عليه «ليجمعنكم» أي : جمعا لا ريب فيه ، والضمير يعود عليه والأول أظهر ، (وَمَنْ أَصْدَقُ) : تقدّم نظير هذه الجملة ، و «حديثا» نصب على التّمييز. وقرأ الجمهور : «أصدق» بصاد خالصة ، وحمزة
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٣٢٥.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ١٨٩.
(٣) تقدم برقم ١٣٠.