أحدهما : يطعم كالظّهار.
والثاني : لا ؛ لأن المشرّع لم يذكر له بدلا.
قوله : «توبة» في نصبه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مفعول من أجله ، تقديره : شرع ذلك توبة منه.
قال أبو البقاء : ولا يجوز أن يكون العامل : «صوم» إلا على حذف مضاف ، أي : لوقوع توبة [من الله](١) أو لحصول توبة [من الله](٢). يعني : أنه إنما احتاج إلى تقدير ذلك المضاف ، ولم يقل إن العامل هو الصّيام ؛ لأنه اختلّ شرط من شروط نصبه ؛ لأنّ فاعل الصّيام غير فاعل التّوبة.
الثاني : أنها منصوبة على المصدر أي : رجوعا منه إلى التّسهيل ، حيث نقلكم من الأثقل إلى الأخفّ ، أو توبة منه ، أي : قبولا منه ، من تاب عليه ، إذا قبل توبته ، فالتقدير : تاب عليكم توبة [منه](٣).
الثالث : أنها منصوبة على الحال ، ولكن على حذف مضاف ، تقديره : فعليه كذا حال كونه صاحب توبة ، ولا يجوز ذلك من غير تقدير هذا المضاف ؛ لأنك لو قلت : «فعليه صيام شهرين تائبا من الله» لم يجز ، و «من الله» في محلّ نصب ؛ لأنّه صفة ل «توبة» فيتعلّق بمحذوف.
فإن قيل : الخطأ لا يكون معصية ، فما معنى قوله : (تَوْبَةً مِنَ اللهِ).
فالجواب من وجوه :
الأول (٤) : أنّ فيه نوعا من التّقصير ، فإنّ الظّاهر أنّه لو بالغ في الاحتياط والاستكشاف لما تعذر عليه الفعل ، ألا ترى أن من قتل مسلما يظنه حربيّا ، فلو بالغ في الاستكشاف ، فالظّاهر أنه لم يقع فيه ، ومن رمى صيدا فأصاب إنسانا ، فلو احتاط ولم يرم إلّا في موضع يقطع بأنه ليس (٥) هناك إنسان ، فإنّه لا يقع في تلك الواقعة ؛ فقوله : (تَوْبَةً مِنَ اللهِ) تنبيه (٦) على أنه كان مقصّرا (٧) في ترك الاحتياط.
وثانيها : أن قوله : (تَوْبَةً مِنَ اللهِ) راجع إلى أنّه ـ تعالى ـ أذن له في إقامة الصّوم مقام الإعتاق عند العجز عنه ؛ لأن الله ـ تعالى ـ إذا تاب على المذنب ، فقد خفّف عنه ، فلما كان التّخفيف من لوازم التّوبة ، أطلق لفظ «التوبة» لإرادة التّخفيف ؛ إطلاقا لاسم الملزوم على اللّازم.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : أحدها.
(٥) في أ : لم يكن.
(٦) في أ : مبينة.
(٧) في أ : مصرّا.