في يوم تامّ (١) ؛ وبه قال الزّهري والأوزاعيّ.
وقال ابن عبّاس : يقصر إذا زاد علي يوم وليلة (٢).
قال أنس : المعتبر خمسة فراسخ (٣) ، وقال الحسن : مسيرة ليلتين (٤).
وقال الشعبي ، والنّخعي ، وسعيد بن جبير : من الكوفة إلى المدائن مسيرة ثلاثة أيّام (٥) ، وهو قول أبي حنيفة ، وروى الحسن بن زياد ، عن أبي حنيفة : أنّه إذا سافر إلى موضع يكون مسيرة يومين ، وأكثر اليوم الثّالث ، جاز القصر ، وهكذا رواه ابن سماعة ، عن أبي يوسف ومحمّد.
وقال مالك : أميال بأميال هاشم جدّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو الذي قدّر أميال البادية ؛ كل ميل اثنا عشر ألف قدم ، وهي أربعة آلاف خطوة ، فإن كل ثلاثة أقدام خطوة ، قالوا : واختلاف النّاس يدل على انعقاد الإجماع ، على أن الحكم غير مربوط بمطلق السّفر.
قال أهل الظاهر : اضطرابهم يدلّ على أنّهم لم يجدوا دليلا في تقدير المدّة ، إذ لو (٦) وجدوه لما حصل الاضطراب ، وأما سكوت [سائر](٧) الصّحابة ؛ فلعلّه كان لاعتقادهم أنّ الآية دالّة على ارتباط الحكم بمطلق السّفر ، وإذا كان الحكم مذكورا في نصّ القرآن ، لم يكن بهم حاجة إلى الاجتهاد والاستنباط ؛ فلهذا سكتوا ، فاستدل الحنفيّة على تقدير المدّة بقوله ـ عليه الصلاة والسلام : «يمسح المسافر ثلاثة أيّام» ؛ وهو يدل على أنّه إذا لم يحصل المسح ثلاثة أيّام ، لا يسمّى مسافرا.
واستدل الشّافعيّة بما روى مجاهد وعطاء ، عن ابن عبّاس ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «يا أهل مكّة ، لا تقصروا في أدنى من أربعة برد من مكّة إلى عسفان» (٨) قال أهل الظّاهر : وهذا تخصيص لعموم القرآن (٩) بخبر الواحد ، وهو لا يجوز ؛ لأن القرآن مقطوع به والخبر مظنون ، وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا روي عنّي حديث فاعرضوه على كتاب
__________________
(١) ينظر : «التفسير الكبير» للرازي (١١ / ١٧).
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) ينظر : المصدر السابق.
(٦) في ب : ولو.
(٧) سقط في ب.
(٨) أخرجه الدارقطني (١ / ٣٨٧) والبيهقي (٣ / ١٣٧ ـ ١٣٨) والطبراني في «الكبير» (١١ / ٩٧) من طريق إسماعيل بن عياش عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه وعطاء عن ابن عباس مرفوعا.
والحديث ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٢ / ١٥٧) وقال : رواه الطبراني في الكبير من رواية ابن مجاهد عن أبيه وعطاء ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات وذكره الحافظ في «الفتح» (٢ / ٤٦٧) وقال : وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الوهاب.
كما أورده في «تلخيص الحبير» (٢ / ٤٦) وقال : وإسناده ضعيف فيه عبد الوهاب بن مجاهد وهو متروك رواه عنه إسماعيل بن عياش وروايته عن الحجازيين ضعيفة والصحيح عن ابن عباس من قوله.
(٩) في أ : للقرآن بعموم.