والفرق أن المخففة معها ضمير مقدر ، فكأنه فاصل بينهما ، بخلاف الناصبة ، وقول أهل الخط ـ في مثل هذا ـ : تكتب متصلة ، عبارة عن حذفها في الخط بالكلية ؛ اعتبارا بلفظ الإدغام ، لا أنهم يكتبونها [متصلة](١) ، ويثبتون لها بعض صورتها ، فيكتبون : أنلا ، والدليل على ذلك أنهم لما قالوا في «أم من» و «أم ما» ونحوه بالاتصال ، إنما يعنون به كتابة حرف واحد ، فيكتبون أمّن ، وأما ، وفهم أبو البقاء أن الاتصال في ذلك عبارة عن كتابتهم لها في بعض صورتها ملتصقة ب «لا» ، والدليل على أنه فهم ذلك أنه قال : ومنهم من يحذفها في الخط ؛ اكتفاء بالتشديد.
فجعل الحذف قسيما للفصل والوصل ، ولا يقول أحد بهذا.
وتعدى «نؤمن» باللام ؛ لتضمّنه معنى الاعتراف. وقد تقدم في أول «البقرة» (٢).
وقرأ عيسى بن عمر «بقربان» ـ بضمتين ـ.
قال القرطبيّ : «كما قيل ـ في جمع ظلمة ـ ظلمات وفي حجرة ـ حجرات».
قال ابن عطية : إتباعا لضمة القاف ، وليس بلغة ؛ لأنه ليس في الكلام فعلان ـ بضم الفاء والعين ـ.
وحكى سيبويه : السّلطان ـ بضمّ اللام ـ وقال : إنّ ذلك على الإتباع.
قال أبو حيان : «ولم يقل سيبويه : إن ذلك على الإتباع ، بل قال : ولا نعلم في الكلام فعلان ولا فعلان ، ولا شيئا من هذا النحو ، ولكنه جاء فعلان ـ وهو قليل ـ قالوا : السلطان ، وهم اسم ، وقال الشّارح لكلام سيبويه : صاحب هذه اللغة لا يسكن ولا يتبع ، وكذا ذكر التصريفيون أنه بناء مستقل ، قالوا ـ فيما لحقه زيادتان بعد اللام ، وعلى فعلان ـ ولم يجىء فعلان إلا اسما ، وهو قليل ، نحو سلطان».
قال شهاب الدّين (٣) : «أما ابن عطيّة فمسلم أنه وهم في النقل عن سيبويه في «سلطان» خاصة ، ولكن قوله في «قربان» صحيح ولأن أهل التصريف لم يستثنوا إلا السّلطان».
والقربان ـ في الأصل ـ مصدر ، ثم سمّي به المفعول ، كالرّهن ، فإنه في الأصل مصدر ، ولا حاجة إلى حذف مضاف ، وزعم أبو البقاء أنه على حذف مضاف ـ أي : تقريب قربان ـ قال : «أي : يشرع لنا ذلك».
وقوله : (تَأْكُلُهُ النَّارُ) صفة ل «قربان» وإسناد الأكل إليها مجاز ، عبّر عن إفنائها الأشياء بالأكل.
__________________
(١) في أ : منفصلة.
(٢) آية : ٣.
(٣) انظر المحرر الوجيز ١ / ٥٤٩ ، والبحر المحيط ٣ / ١٣٨ ، والدر المصون ٢ / ٢٧٥.