يوافق خطّ المصحف». وقرأ زر (١) بن حبيش ، وعاصم في رواية أبان «عدّة» بكسر العين ، مضافة إلى هاء الكناية.
قال ابن عطيّة : هو عندي اسم لما يمدّ ، ك «الذّبح» ، و «القتل».
وقرىء أيضا (٢) «عدّة» بكسر العين ، وتاء التأنيث ، والمراد : عدة من الزّاد ، والسلاح ، مشتقا من «العدد».
قوله : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ). الاستدراك هنا يحتاج إلى تأمّل ، فلذلك قال الزمخشريّ: فإن قلت : كيف موقع حرف الاستدراك؟ قلت : لمّا كان قوله : (وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ) معطيا معنى نفي خروجهم واستعدادهم للغزو. قيل : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ) كأنه قيل : ما خرجوا ، ولكن تثبّطوا عن الخروج لكراهة انبعاثهم ، ك «ما أحسن زيد إليّ ولكن أساء إليّ». انتهى. يعني أنّ ظاهر الآية يقتضي أنّ ما بعد «لكن» موافق لما قبلها ، وقد تقرّر فيها أنّها لا تقع إلّا بين ضدين ، أو نقيضين ، أو خلافين ، على خلاف في هذا الأخير ، فلذلك احتاج إلى الجواب المذكور.
قال أبو حيان (٣) «وليست الآية نظير هذا المثال ـ يعني : ما أحسن زيد إليّ ، ولكن أساء ـ ، لأنّ المثال واقع فيه «لكن» بين ضدّين ، والآية واقع فيها «لكن» بين متفقين من جهة المعنى».
قال شهاب الدّين (٤) «مرادهم بالنقيضين : النفي والإثبات لفظا ، وإن كانا يتلاقيان في المعنى ولا يعدّ ذلك اتفاقا».
والانبعاث : الانطلاق ، يقال : بعثت البعير فانبعث ، وبعثته لكذا فانبعث ، أي : نفذ فيه والتّثبيط : التّعويق ، يقال : ثبّطت زيدا ، أي : عقته عمّا يريده ، من قولهم : ناقة ثبطة أي : بطيئة السير ، والمراد بقوله : «اقعدوا» : التّخلية ، وهو كناية عن تباطئهم ، وأنّهم تشبهوا بالنساء ، والصبيان ، والزّمنى ، وذوي الأعذار ، وليس المراد قعودا ؛ كقوله : [البسيط]
٢٧٨٦ ـ دع المكارم لا تقصد لبغيتها |
|
واقعد فإنّك أنت الطّاعم الكاسي (٥) |
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٧٥ ، المحرر الوجيز ٣ / ٤٠ ، البحر المحيط ٥ / ٤٩ ، الدر المصون ٣ / ٤٦٩.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٤٩ ، الدر المصون ٣ / ٤٦٩.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٥٠.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٤٦٩.
(٥) البيت للحطيئة في ديوانه ص ٥٤ ؛ والأزهيّة ص ١٧٥ ؛ والأغاني ٢ / ١٥٥ ؛ وخزانة الأدب ٦ / ٢٩٩ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ١٢٠ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٩١٦ ؛ وشرح المفصّل ٦ / ١٥ ؛ والشعر والشعراء ص ٣٣٤ ؛ ولسان العرب ١٠ / ١٠٨ (ذرق) ، ١٢ / ٣٦٤ (طعم) ، ١٥ / ٢٢٤ (كسا) ؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٤١٨ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ١١٥ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٧٤٤ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٨٨ ، والبحر المحيط ٥ / ٥٠ ، والدر المصون ٣ / ٤٦٩.