٢٧٩١ ـ لئن فتنتني لهي بالأمس أفتنت |
|
سعيدا فأمسى قد قلا كلّ مسلم (١) |
ومتعلق «الإذن» : القعود ، أي : ائذن لي في القعود والتخلف عن الغزو ، ولا تفتنّي بخروجي معك. أي : لا تهلكني بخروجي معك ، فإنّ الزمان شديد الحرّ ، ولا طاقة لي به. وقيل : لا تفتنّي ؛ لأنّي إذا خرجت معك هلك مالي وعيالي ، وقيل : نزلت في جد بن قيس المنافق وذلك أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم لمّا تجهّز لغزو تبوك ، قال له : «يا أبا وهب ، هل لك في جلاد بني الأصفر؟ يعني : الروم ـ تتخذ منهم سراري ووصفاء» فقال جدّ : يا رسول الله ، لقد عرف قومي أني رجل مغرم بالنّساء ، وإنّي أخشى إن رأيت بنات الأصفر ألّا أصبر عنهنّ ، ائذن لي في القعود ، ولا تفتنّي بهنّ ، وأعينكم بمالي (٢).
قال ابن عباس «اعتلّ جدّ بن قيس ، ولم تكن علته إلا النفاق ، فأعرض عنه النبيصلىاللهعليهوسلم وقال : قد أذنت لك ، فأنزل الله عزوجل : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي) الآية (٣).
قوله : (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) أي : في الشّرك والإثم وقعوا بنفاقهم ، وخلافهم أمر الله ورسوله.
وفي مصحف أبي «سقط» لأنّ لفظة «من» موحد اللفظ ، مجموع المعنى ، وفيه تنبيه على أنّ من عصى الله لغرض ، فإنّه تعالى يبطل عليه ذلك الغرض ؛ لأنّ القوم لمّا اختاروا القعود لئلا يقعوا في الفتنة ، بيّن الله تعالى أنهم واقعون ساقطون في عين الفتنة ـ ثم قال (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) مطبقة عليهم.
قوله : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ) نصر وغنيمة «تسؤهم» تحزنهم ، يعني المنافقين (وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ) نكبة وشدة ومكروه ، يفرحوا ، و (يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ) أي : حذرنا ، (وَيَتَوَلَّوْا) يدبروا عن مقام التحدث بذلك إلى أهليهم (وَهُمْ فَرِحُونَ) مسرورون.
ونقل عن ابن عبّاس «أنّ الحسنة في يوم بدر ، والمصيبة في يوم أحد ، فإن ثبت أنّ المراد هذا بخبر وجب المصير إليه ، وإلّا فالواجب حمله على كل حسنة ، وعلى كل مصيبة» (٤).
__________________
(١) البيت لأعشى همدان وهو عبد الرحمن بن عبد الله ونسب إلى ابن قيس الأعشى الكبير وليس في ديوانه ينظر : الخصائص ٣ / ٣١٥ التهذيب ١٤ / ٢٩٨ مجاز القرآن ١ / ١٦٨ اللسان ٥ / ٣٣٤٤ البحر المحيط ٥ / ٥٢ الدر المصون ٣ / ٤٧١.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٨٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٤٤٣) وعزاه إلى ابن المنذر والطبراني وابن مردويه وأبي نعيم في «المعرفة».
وذكره الهيثمي في «المجمع» (٧ / ٣٣) وقال : رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف ، وله شاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٤٤٣) عن ابن عباس بلفظ مختلف وعزاه للطبراني وابن مردويه.
وذكره الهيثمي في «المجمع» (٧ / ٣٣) وقال : وفيه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان.
(٣) انظر الحديث السابق.
(٤) ذكره الرازي في «التفسير الكبير» (١٦ / ٦٨)