العينين ، أسفع الخدين ، مشوّه الخلقة ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم من أراد أن ينظر إلى الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث.
وكان ينمّ حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المنافقين ، فقيل له : لا تفعل فقال : إنّما محمد أذن ، فمن حدّثه شيئا صدّقه ؛ فنقول ما شئنا ، ثمّ نأتيه فنحلف له ، فيصدقنا ، فنزلت الآية (١).
قال الأصمّ أظهر الله عن المنافقين وجوه كفرهم التي كانوا يسرونها ، لتكون حجة للرسول ، ولينزجروا ، فقال : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) [التوبة : ٥٨] (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) [التوبة : ٦١] (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ) [التوبة : ٧٥] إلى غير ذلك من الإخبار عن الغيوب ، وكل ذلك دليل على كونه نبيا حقا من عند الله.
ومعنى «أذن» أي : أنّه ليس له ذكاء ولا بعد غور ، بل هو سليم القلب ، سريع الاغترار بكل ما يسمع.
قوله : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ) «أذن» خبر مبتدأ محذوف ، أي : قل هو أذن خير والجمهور على جر خير بالإضافة ، وقرأ الحسن (٢) ، ومجاهد ، وزيد بن علي وأبو بكر عن عاصم «أذن» بالتنوين ، «خير» بالرفع ، وفيها وجهان :
أحدهما : أنّها وصف «أذن».
والثاني : أن يكون خبرا بعد خبر ، و «خير» يجوز أن يكون وصفا ، من غير تفضيل ، أي : أذن ذو خير لكم ، ويجوز أن يكون للتفضيل ـ على بابها ـ أي : أكثر خيرا لكم. وجوّز صاحب اللوامح أن يكون «أذن» مبتدأ ، و «خير» خبرها ، وجاز الابتداء هنا بالنكرة ؛ لأنّها موصوفة تقديرا ، أي : أذن لا يؤاخذكم من أذن يؤاخذكم ، ويقال : رجل أذن ، أي : يسمع كل ما يقال ، وفيه تأويلان :
أحدهما : أنّه سمّي بالجارحة ؛ لأنّها آلة السماع ، وهي معظم ما يقصد منه ؛ كقولهم للربيئة: عين.
وقيل : المراد ب : «الأذن» هنا الجارحة ، وحينئذ يكون على حذف مضاف أي : ذو أذن.
والثاني : أنّ الأذن وصف على «فعل» ، ك «أنف» و «شلل» يقال : أذن يأذن ، فهو أذن ؛ قال : [الطويل]
٢٨٠٤ ـ وقد صرت أذنا للوشاة سميعة |
|
ينالون من عرضي ولو شئت ما نالوا (٣) |
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٠٦) والقرطبي (٨ / ١٩٢).
(٢) ينظر : السبعة ص (٣١٣) ، الحجة للقراء السبعة ٤ / ١٩٨ ـ ٢٠٣ ، حجة القراءات ص (٣١٩) ، إعراب القراءات ١ / ٢٥٠ ، إتحاف ٢ / ٩٤.
(٣) البيت لعمرو بن أبي بكر العدوي القرشي. ينظر : معجم الشعراء ٣٤ ، والبحر ٥ / ٦٤ ، والدر المصون ٣ / ٤٧٧.