الخوالف : جمع خالف من صفة النّساء ، وهذه صفة ذمّ ؛ كقول زهير : [الوافر]
٢٨٢٥ ـ وما أدري وسوف إخال أدري |
|
أقوم آل حصن أم نساء؟ |
فإن تكن النّساء مخبّآت |
|
فحقّ لكلّ محصنة هداء (١) |
وقال آخر : [الخفيف]
٢٨٢٦ ـ كتب القتل والقتال علينا |
|
وعلى الغانيات جرّ الذّيول (٢) |
وقال النّحّاس (٣) «يجوز أن تكون الخوالف من صفة الرّجال ، بمعنى أنّها جمع «خالفة» يقال : رجل خالفة ، أي : لا خير فيه». فعلى هذا يكون جمعا للذكور ، باعتبار لفظه. وقال بعضهم : إنّه جمع «خالف» ، يقال : رجل خالف ، أي : لا خير فيه. وهذا مردود ، فإنّ «فواعل» لا يكون جمعا ل «فاعل» ، وصفا لعاقل ، إلّا ما شذّ ، من نحو : فوارس ، ونواكس وهوالك.
ثم قال تعالى : (وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) [التوبة : ٨٧] وقد تقدّم الكلام في الطّبع والختم ، أوّل البقرة.
قوله تعالى : (لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) الآية.
ومعنى هذا الاستدراك : أنّه إن تخلّف هؤلاء المنافقون عن الغزو ؛ فقد توجه إليه من هو خير منهم ونظيره : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) [الأنعام : ٨٩] وقوله : (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) [فصلت : ٣٨] ، ولمّا وصفهم بالمسارعة إلى الجهاد ، ذكر ما حصل لهم من الفوائد ، وهي أنواع ، أوّلها : قوله (وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ) والخيرات : جمع خيرة ، على «فعلة» بسكون العين ، وهو المستحسن من كلّ شيء ، وغلب استعماله في النّساء ، ومنه قوله تعالى : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) [الرحمن: ٧٠] ؛ وقول الشّاعر : [الكامل]
٢٨٢٧ ـ ولقد طعنت مجامع الرّبلات |
|
ربلات هند خيرة الملكات (٤) |
قال المفسّرون : هي الجواري الحسان والجنّة. وقال ابن عبّاس : «الخيرات» لا يعلم معناه إلّا الله ، كما قال جلّ ذكره (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)(٥) [السجدة : ١٧]. وقيل المراد : ب «الخيرات» الثّواب.
__________________
(١) تقدم.
(٢) البيت لعمر بن أبي ربيعة ينظر : ديوانه (٣٣٨) ، البحر ٥ / ٨٥ ، إعراب النحاس ٢ / ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، الدر المصون ٣ / ٤٩٠.
(٣) ينظر : إعراب القراءات للنحاس ٢ / ٣٤.
(٤) البيت لرجل من بني عدي جاهلي. ينظر : مجاز القرآن ١ / ٢٦٧ ، ٢ / ٢٤٦ ، جامع البيان ١٤ / ٤١٥ ، التهذيب ٧ / ٥٤٦ ، الدر ٣ / ٤٩٠.
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣١٨).