الزمخشري : «يقاتلون» فيه معنى الأمر ، كقوله : (وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) [الصف : ١١]. وعلى هذا فيتعيّن الاستئناف ، لأنّ الطّلب لا يقع حالا. وقد تقدّم الخلاف في (فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) في آل عمران قرأ حمزة (١) والكسائيّ : «فيقتلون» بتقديم المفعول على الفاعل. وقرأ الباقون بتقديم الفاعل على المفعول.
قوله : «وعدا» منصوب على المصدر المؤكد لمضمون الجملة ؛ لأنّ معنى «اشترى» معنى : وعدهم بذلك ، فهو نظير : «هذا ابني حقّا». ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال وفيه ضعف. و «حقّا» نعت له. و «عليه» حال من «حقّا» ؛ لأنّه في الأصل صفة لو تأخّر.
قوله : (فِي التَّوْراةِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنّه متعلق ب «اشترى» ، وعلى هذا فتكون كل أمّة قد أمرت بالجهاد ، ووعدت عليه الجنّة.
والثاني : أنّه متعلق بمحذوف ؛ لأنّه صفة للوعد ، أي : وعدا مذكورا وكائنا في التّوراة.
وعلى هذا فيكون الوعد بالجنّة لهذه الأمّة مذكورا في كتب الله المنزلة ، وقال الزمخشريّ (٢) في أثناء الكلام : «لا يجوز عليه قبيح قطّ» قال أبو حيّان : «استعمل «قط» في غير موضوعه ، لأنّه أتى به مع قوله «لا يجوز عليه» ، و «قطّ» ظرف ماض ، فلا يعمل فيه إلّا الماضي».
قال شهاب الدّين «ليس المراد هنا زمنا بعينه».
ثم قال تعالى : (وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ) أي : أنّ نقض العهد كذب ، ومكر ، وخديعة وكل ذلك من القبائح ، وهي قبيحة من الإنسان مع احتياجه إليها ، فالغني عن كلّ الحاجات أولى أن يكون منزها عنها. أي لا أحد أوفى بعهده من الله ، وهذا يتضمّن وفاء الباري بالكل فأمّا وعده فللجميع ، وأمّا وعيده فمخصوص ببعض المذنبين وببعض الذّنوب ، وفي بعض الأحوال.
قوله : «فاستبشروا» فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب ؛ لأنّ في خطابهم بذلك تشريفا لهم و «استفعل» هنا ليس للطلب ، بل بمعنى «أفعل» ، ك «استوقد» ، و «أوقد» والمعنى: أظهروا السّرور بذلك ، والبشارة : إظهار السّرور في البشرة.
وقوله : (الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ) توكيد ، كقوله : (الَّذِي بَنَوْا) [التوبة : ١١٠] ، لينصّ لهم على هذا البيع بعينه.
__________________
(١) ينظر : السبعة ص (٣١٩) ، الحجة ٤ / ٢٣١ ، حجة القراءات ص (٣٢٥) ، إعراب القراءات ١ / ٢٥٦ ، إتحاف ٢ / ٩٩.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٣١٤.