الثاني : أنه القرابة ، قاله ابن عبّاس (١) والضحاك ، وبه قال الفراء وأنشدوا لحسان : [الوافر]
٢٧٥٧ ـ لعمرك إنّ إلّك من قريش |
|
كإلّ السّقب من رأل النّعام (٢) |
وأنشد أبو عبيدة على ذلك قوله : [الرمل]
٢٧٥٨ ـ ......... |
|
قطعوا الإلّ وأعراق الرّحم (٣) |
والظّاهر أنّ المراد به العهد ـ كما تقدّم ـ لئلّا يلزم التكرار.
الثالث : أنّ المراد به الله ـ تعالى ـ أي : هو اسم من أسمائه ، واستدلّوا على ذلك بحديث أبي بكر لمّا عرض عليه كلام مسيلمة ـ لعنه الله ـ «إنّ هذا الكلام لم يخرج من إلّ» ، أي : الله ـ عزوجل ـ قاله أبو مجلز ، ومجاهد (٤) وقال عبيد بن عمير : يقرأ جبرئل بالتشديد ، يعني عبد الله ولم يرتض هذا الزجاج ، قال : «لأنّ أسماءه ـ تعالى ـ معروفة في الكتاب والسّنّة ـ ولم يسمع أحد يقول : يا إلّ ، افعل لي كذا».
الرابع : أنّ : «الإلّ» الجؤار ، وهو رفع الصّوت عند التحالف ، وذلك أنهم كانوا إذا تماسحوا ، وتحالفوا ، جأروا بذلك جؤارا. ومنه قول أبي جهل : [الطويل]
٢٧٥٩ ـ لإلّ علينا واجب لا نضيعه |
|
متين قواه غير منتكث الحبل (٥) |
الخامس : أنه من : ألّ البرق ، أي : لمع.
قال الأزهريّ : «الأليل : البريق ، يقال : ألّ يؤلّ ، أي : صفا ولمع» ، ومنه الألّة ، للمعانها.
وقيل : الإلّ من التحديد ، ومنه «الألّة» الحربة ، وذلك لحدّتها ، وقد جعل بعضهم بين هذه المعاني قدرا مشتركا ، يرجع إليه جميع ما تقدّم ، فقال الزّجّاج : «حقيقة الإلّ عندي على ما توحيه اللغة : التحديد للشيء ، فمن ذلك الألّة : الحربة ، وأذن مؤلّلة ، فالإلّ يخرج في جميع ما فسّر من العهد ، والقرابة ، والجؤار على هذا ، فإذا قلت في
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٢٥) عن ابن عباس والضحاك وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٨٧) وعزاه للطستي في مسائله وذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٢٧١) عن ابن عباس والضحاك.
(٢) البيت لحسان وهو في ديوانه (١٠٥) تفسير الطبري ١٤ / ١٤٩ الكشاف ٢ / ١٩٦ البحر المحيط ٥ / ٥ القرطبي ٨ / ١٧٩ الرازي ١٥ / ٢٣٠ روح المعاني ١٠ / ٥٥ اللسان [ألل] الدر المصون ٣ / ٤٤٧.
(٣) تقدم.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٢٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٨٦) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
وذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٢٧١) عن مجاهد.
(٥) البيت من شواهد البحر المحيط ٥ / ٥ ، والدر المصون ٣ / ٤٤٧.