بمعنى : فدام اختلاطه ، حتى كان كيت وكيت ، و «إذا» بعد «حتّى» هذه تقدّم التّنبيه عليها ، قوله : (وَازَّيَّنَتْ) قرأ الجمهور «وازينت» بوصل الهمزة ، وتشديد الزاي والياء ، والأصل «وتزيّنت» فلمّا أريد إدغام التّاء في الزّاي بعدها ، قلبت زايا ، وسكّنت فاجتلبت همزة الوصل ؛ لتعذّر الابتداء بالسّاكن ، فصار «ازّيّنت» ، وتقدّم تحرير هذا عند قوله ـ تعالى ـ : (فَادَّارَأْتُمْ فِيها) [البقرة : ٧٢].
وقرأ أبيّ بن (١) كعب وعبد الله وزيد بن علي ، والأعمش : «وتزيّنت» على تفعّلت ، وهو الأصل المشار إليه ، وقرأ سعد بن أبي (٢) وقّاص ، والسّلمي ، وابن يعمر ، والحسن ، والشّعبي ، وأبو العالية ، ونصر بن عاصم ، وابن هرمز ، وعيسى الثقفي : «وأزينت» على وزن أفعلت ، وأفعل هنا بمعنى : صار ذا كذا ، كأحصد الزّرع وأغدّ البعير ، والمعنى : صارت ذا زينة ، أي : حضرت زينتها وحانت ، وكان من حقّ الياء على هذه القراءة ، أن تقلب ألفا ، فيقال : أزانت ، كأنابت فتعلّ بنقل حركتها إلى السّاكن قبلها ، فتتحرّك حينئذ ، وينفتح ما قبلها ، فتقلب ألفا كما تقدّم في نحو : أقام وأناب ، إلّا أنّها صحّت شذوذا ؛ كقوله : «أغيمت السماء ، وأغيلت المرأة» ، وقد ورد ذلك في القرآن ، نحو : (اسْتَحْوَذَ) [المجادلة : ١٩] وقياسه : استحاذ ؛ كاستقام.
وقرأ أبو عثمان (٣) النّهديّ ـ وعزاه ابن عطيّة لفرقة غير معيّنة ـ : «وازيأنّت» بهمزة وصل ، بعدها زاي ساكنة ، بعدها ياء مفتوحة خفيفة ، بعدها همزة مفتوحة ، بعدها نون مشددة ، قالوا : وأصلها : «وازيانّت» بوزن «احمارّت» بألف صريحة ، ولكنّهم كرهوا الجمع بين السّاكنين ، فقلبت الألف همزة ، كقراءة (الضَّالِّينَ) [الفاتحة : ٧] ، والجأن [الرحمن : ٣٩] ، وعليه قولهم : «احمأرّت» بالهمز ، وأنشد : [الطويل]
٢٨٨٦ ـ ......... |
|
إذا ما احمأرّت بالعبيط العوامل (٤) |
وقد تقدّم هذا مشبعا في آخر الفاتحة.
وقرأ أشياخ (٥) عوف بن أبي جميلة : «وازيأنّت» بالأصل المشار إليه ، وعزاها ابن
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٤١ ، المحرر الوجيز ٣ / ٧١١٤ البحر المحيط ٥ / ١٤٥ ، الدر المصون ٤ / ٢١ ، إتحاف ٢ / ١٠٨.
(٢) ينظر : السابق.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ١١٤ ، البحر المحيط ٥ / ١٤٥ ، الدر المصون ٤ / ٢١.
(٤) عجز بيت لكثير عزة وصدره :
وأنت ابن ليلي خير قومك مشهدا
ورواية الديوان :
إذا ما احمأرّت ..........
ينظر : ديوانه ٢٤٩ والخصائص ٣ / ١٢٦ والمحتسب ١ / ٤٧ والبحر المحيط ٥ / ١٤٥ والدر المصون ٤ / ٢١.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ١١٤ ، البحر المحيط ٥ / ١٤٥ ، الدر المصون ٤ / ٢١.