ما يزيده الله على ذلك الثّواب من التفضّل ، كقوله ـ تعالى ـ : (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) [فاطر : ٣٠] ، ونقل عن عليّ ـ رضي الله عنه ـ ، أنه قال : «الزّيادة : غرفة من لؤلؤة واحدة» (١).
وعن ابن عبّاس : «الحسنى : هي الحسنة ، والزّيادة عشر أمثالها» (٢) ، وعن الحسن : «عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف» (٣) ، وعن مجاهد : «الزيادة : مغفرة من الله ورضوان» (٤).
وعن يزيد بن سمرة : «الزّيادة : أن تمرّ السّحابة بأهل الجنّة ، فتقول : ما تريدون أن أمطركم ، فلا يريدون شيئا إلّا أمطرتهم» (٥).
وأجاب أهل السّنّة عن هذه الوجوه ، فقالوا : أمّا قولهم : إنّ الدلائل العقليّة دلّت على امتناع رؤية الله ـ تعالى ـ ، فهذا ممنوع ؛ لأنّا بيّنا في كتب الأصول : أن تلك الدلائل في غاية الفتور ، وثبت بالأخبار الصحيحة إثبات الرّؤية ، كقوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : «هل تمارون في رؤية الشّمس ليس دونها سحاب؟» (٦) حين سألوه عن رؤية الله ـ تعالى ـ ، وقوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : «هل تمارون في رؤية القمر ليلة البدر؟» (٧). فوجب إجراؤها على ظواهرها.
وقولهم : «الزّيادة يجب أن تكون من جنس المزيد عليه» ، فنقول : المزيد عليه إذا كان مقدرا بمقدار معيّن ، كانت الزّيادة من جنسها ، وإذا كان مقدرا بمقدار غير معيّن ، وجب أن تكون الزّيادة مخالفة له ، مثال الأول : قول الرّجل لغيره : أعطيتك عشرة أمداد من الحنطة وزيادة ، فتكون تلك الزيادة من الحنطة ، ومثال الثاني : قوله أعطيتك الحنطة وزيادة ، فيجب أن تكون الزّيادة غير الحنطة.
فلفظ «الحسنى» : وهي الجنّة ، مطلقة ، وهي غير مقدّرة بقدر معيّن ، فتكون الزّيادة شيئا مغايرا لما في الجنة.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٥٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في «الرؤية».
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٥٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٤٩) وعزاه إلى الطبري.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٥٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٤٩) وزاد نسبته إلى ابن المنذر.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٥٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٤٩) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٨ / ٢١١) والرازي في «تفسيره» (١٧ / ٦٣).
(٦) أخرجه البخاري (١١ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤) كتاب الرقاق : باب الصراط جسر جهنم (٦٥٧٣ ، ٦٥٧٤) ومسلم (١ / ١٦٣) كتاب الإيمان : باب معرفة طريق الرؤية (٢٩٩ / ١٨٢) وأحمد (٢ / ٢٧٥ ، ٢٩٣ ، ٣٥٤).
(٧) انظر : الحديث السابق.