كتبهم ، وأمّا القراءة بالياء فهي التي ارتضاها الفارسيّ ، وهؤلاء الجماعة ؛ لأنّ النّطق بالهمزتين في كلمة واحدة ثقيل ، وهمزة بين بين بزنة المخففة.
والزمخشري جعل القراءة بصريح الياء لحنا ، وتحقيق الهمزتين غير مقبول عند البصريين ، قال : «فإن قلت : كيف لفظ «أئمة»؟ قلت : بهمزة بعدها همزة بين بين ، أي : بين مخرج الهمزة والياء وتحقيق الهمزتين قراءة مشهورة ، وإن لم تكن مقبولة عند البصريين ، وأمّا التصريح بالياء فلا يجوز أن تكون ، ومن قرأ بها فهو لاحن محرّف».
قال أبو حيّان (١) : «وذلك دأبه في تلحين المقرئين ، وكيف يكون لحنا ، وقد قرأ بها رأس النّحاة البصريين أبو عمرو بن العلاء ، وقارىء أهل مكة ابن كثير ، وقارىء أهل المدينة نافع»؟.
قال شهاب الدّين (٢) : «لا ينقم على الزمخشريّ شيء ، فإنه إنّما قال : إنّها غير مقبولة عند البصريين ، ولا يلزم من ذلك أنه لا يقبلها ، غاية ما في الباب أنّه نقل عن غيره ، وأمّا التصريح بالياء فإنّه معذور فيه ، لما تقدّم من أنه اشتهر بين القراء التسهيل بين بين ، لا الإبدال المحض ، حتّى إنّ الشّاطبي جعل ذلك مذهبا للنحويين ، لا للقراء ، فالزمخشري إنما اختار مذهب القراء لا مذهب النّحاة في هذه اللّفظة».
وقد ردّ أبو البقاء قراءة التّسهيل بين بين ، فقال : «ولا يجوز هنا أن تجعل بين بين ، كما جعلت همزة «أئذا» ؛ لأنّ الكسرة هنا منقولة ، وهناك أصلية ، ولو خفّفت الهمزة الثانية على القياس لقلبت ألفا ، لانفتاح ما قبلها ، ولكن ترك ذلك للتتحرك بحركة الميم في الأصل».
قال شهاب الدّين «قوله «منقولة» لا يفيد ؛ لأنّ النقل هنا لازم ، فهو كالأصل ، وقوله «ولو خفّفت على القياس» إلى آخره ، لا يفيد أيضا ؛ لأنّ الاعتناء بالإدغام سابق على الاعتناء بتخفيف الهمزة».
ووزن «أئمّة» «أفعلة» ، لأنّها جمع «إمام» ، ك «حمار وأحمرة» والأصل : «أأممة» فالتقى ميمان ، فأريد إدغامهما فنقلت حركة الميم الأولى للسّاكن قبلها ، وهو الهمزة الثانية ، فأدّى ذلك إلى اجتماع همزتين ثانيتهما مكسورة ، فالنحويون البصريون يوجبون إبدال الثانية ياء ، وغيرهم يحقق ، أو يسهّل بين بين ، ومن أدخل الألف فللخفّة حتى يفرّق بين الهمزتين ، والأحسن أن يكون ذلك في التحقيق ، كما قرأ هشام ، وأمّا ما رواه أبو حيان عن نافع من المدّ مع نقله عنه أنّه يصرّح بالياء فللمبالغة في الخفة.
قوله : (لا أَيْمانَ لَهُمْ) قرأ ابن (٣) عامر «لا إيمان» بكسر الهمزة ، وهو مصدر آمن
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٥ / ١٧.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٤٥٠.
(٣) ينظر : السبعة (٣١٢) ، الحجة للقراء السبعة ٤ / ١٧٧ ـ ١٧٨ حجة القراءات ص (٣١٥) ، إعراب القراءات ١ / ٢٣٥.