لتعدّت ب «إلى». و «النّذر» يجوز أن يكون جمع «نذير» ، المراد به المصدر فيكون التقدير : وما تغني الآيات والإنذارات ، وأن يكون جمع «نذير» مرادا به اسم الفاعل بمعنى منذر فيكون التقدير والمنذرون وهم الرّسل. وقرىء (١)(وَما يُغْنِي) بالياء.
قوله : (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ) يعني : مشركي مكّة إلّا مثل أيّام الذين خلوا مضوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) من مكذّبي الأمم. قال قتادة : «يعني وقائع الله في قوم نوح ، وعاد ، وثمود» (٢) والعرب تسمّي العذاب والنّعم أياما ، كقوله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) [إبراهيم : ٥] وكلّ ما مضى عليك من خير وشرّ فهو أيّام ثم إنّه تعالى أمره بأن يقول لهم (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).
قوله : (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا) قال الزمخشريّ : هو معطوف على كلام محذوف يدلّ عليه قوله : (إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ) [يونس : ١٠٢] كأنّه قيل : نهلك الأمم ثم ننجّي رسلنا ، معطوف على حكاية الأحوال الماضية.
قرأ الكسائي (٣) في رواية نصر «ننجي» خفيفة ، والباقون : مشددة ، وهما لغتان ، وكذلك في قوله (نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) والمعنى : ننجي رسلنا ، والذين آمنوا معهم عند نزول العذاب. معناه : نجّينا ، مستقبل بمعنى الماضي ، ونجّينا وأنجينا بمعنى واحد «كذلك» كما نجّيناهم «حقّا» واجبا (عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ).
قوله : «حقّا» فيه أوجه :
أحدها : أن يكون منصوبا بفعل مقدّر أي : حقّ ذلك حقّا.
والثاني : أن يكون بدلا من المحذوف النّائب عنه الكاف تقديره : إنجاء مثل ذلك حقّا.
والثالث : أن يكون «كذلك» و «حقّا» منصوبين ب «ننج» الذي بعدهما.
والرابع : أن يكون «كذلك» منصوبا ب «ننجي» الأولى ، وحقّا ب «ننج» الثّانية.
وقال الزمخشري (٤) : مثل ذلك الإنجاء ننجي المؤمنين منكم ، ونهلك المشركين ، وحقّا علينا اعتراض ، يعني حقّ ذلك علينا حقّا.
وقرأ الكسائيّ (٥) وحفص «ننجي المؤمنين» مخففا من أنجى يقال : أنجى ونجّى
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٧٣ ، البحر المحيط ٥ / ١٩٤.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٦١٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٧٤) وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٣) ينظر : السبعة ص (٣٣٠) ، الحجة للقراء السبعة ٤ / ٣٠٥ ، حجة القراءات ص (٣٣٧) ، إعراب القراءات ١ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٢٠.
(٤) ينظر : تفسير الكشاف ٢ / ٣٧٣.
(٥) ينظر : السبعة ص (٣٣٠) ، الحجة للقراء السبعة ٤ / ٣٠٥ ، حجة القراءات ص (٣٣٧) ، إعراب القراءات ١ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٢٠.