الثالث : أن يكون «باطل» عطفا على الأخبار قبله ، أي : أولئك باطل ما كانوا يعملون و (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) فاعل ب «باطل» ، ويرجح هذا ما قرأ (١) به زيد بن علي (وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) جعله فعلا ماضيا معطوفا على «حبط».
وقرأ أبيّ (٢) وابن مسعود «وباطلا».
قال مكيّ (٣) : «وهي في مصحفهما كذلك».
ونقلها الزمخشري عن عاصم «وباطلا» نصبا ، وفيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّه منصوب ب «يعملون» و «ما» مزيدة ، وإلى هذا ذهب مكي ، وأبو البقاء وصاحب اللوامح ، وفيه تقديم معمول خبر «كان» على «كان» وهي مسألة خلاف ، والصحيح جوازها ، كقوله تعالى (أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) [سبأ : ٤٠] ، فالظاهر أنّ «إيّاكم» منصوب ب «يعبدون».
والثاني : أن تكون «ما» إبهامية ، وتنتصب ب «يعملون» ومعناه : «باطلا أي باطل كانوا يعملون».
والثالث : أن يكون «باطلا» بمعنى المصدر على بطل بطلانا ما كانوا يعملون ، ذكر هذين الوجهين الزمخشري ، ومعنى قوله «ما» إبهامية أنها هنا صفة للنّكرة قبلها ، ولذلك قدّرها ب «باطلا أيّ باطل» فهو كقوله : [المديد]
٢٩٥١ ـ ......... |
|
وحديث ما على قصره (٤) |
و «لأمر ما جدع قصير أنفه» ، وقد قدّم هو ذلك في قوله تعالى : (مَثَلاً ما بَعُوضَةً) [البقرة : ٢٦].
قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١٧) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (١٩) أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ(٢٠)
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٢١١ ، والدر المصون ٤ / ٨٥.
(٢) نقلها الزمخشري عن عاصم ينظر : الكشاف ٢ / ٣٨٤ والمحرر الوجيز ٣ / ١٥٧ والبحر المحيط ٥ / ٢١١ والدر المصون ٤ / ٨٥.
(٣) ينظر : المشكل ١ / ٣٩٤.
(٤) تقدم.