٢٩٥٤ ـ نصبنا رأسه في جذع نخل |
|
بما جرمت يداه وما اعتدينا (١) |
أي : بما كسبت يداه ، وقد تقدّم تحقيق ذلك في المائدة [٦] وجريمة القوم كاسبهم ؛ قال : [الوافر]
٢٩٥٥ ـ جريمة ناهض في رأس نيق |
|
ترى لعظام ما جمعت صليبا (٢) |
فتقدير الآية : كسبهم ـ فعلهم أو قولهم ـ خسرانهم ، وهذا قول أبي إسحاق الزجاج ، وعلى هذا فالوقف على قوله «لا» ثم يبتدأ ب «جرم» بخلاف ما تقدّم.
الوجه الخامس : أن معناها لا صدّ ولا منع ، وتكون «جرم» بمعنى «القطع» تقول : جرمت أي : قطعت ، فيكون «جرم» اسم «لا» مبنيا معها على الفتح ؛ كما تقدّم ، وخبرها «أنّ» وما في حيّزها ، أو على حذف حرف الجر ، أي : لا منع من خسرانهم ؛ فيعود الخلاف المشهور وفي هذه اللفظة لغات : فيقال : لا جرم بكسر الجيم ، ولا جرم بضمها ، ولا جر بحذف الميم ، ولا ذا جرم ، ولا إنّ ذا جرم ، ولا عن ذا جرم ، ولا أن جرم ، ولا ذو جرم ، ولا ذا جر والله لا أفعل ذلك.
وعن أبي عمرو : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) [النحل : ٦٢] على وزن لا كرم ، يعني بضمّ الراء ، ولا جر ، قال : «حذفوه لكثرة الاستعمال كما قالوا : «سو ترى» أي : سوف ترى».
وقوله : (هُمُ الْأَخْسَرُونَ) يجوز أن يكون «هم» فصلا ، وأن يكون توكيدا ، وأن يكون مبتدأ وما بعده خبره ، والجملة خبر «أنّ».
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) لمّا ذكر عقوبة الكافرين وخسرانهم ، أتبعه بذكر أحوال المؤمنين ، والموصول اسم «إنّ» ، والجملة من قوله (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ) خبرها.
والإخبات : الاطمئنان والتذلّل ، والتّواضع ، والخضوع ، وأصله من الخبت وهو المكان المطمئنّ ، أي المنخفض من الأرض ، وأخبت الرّجل : دخل في مكان خبت ، كأنجد وأتهم إذا دخل في أحد هذين المكانين ، ثمّ توسّع فيه فقيل : خبت ذكره ، أي : خمد ، ويقال للشّيء الدّنيء الخبيث ؛ قال الشاعر : [الخفيف]
٢٩٥٦ ـ ينفع الطّيّب القليل من الرّز |
|
ق ولا ينفع الكثير الخبيت (٣) |
__________________
(١) ينظر في البحر المحيط ٥ / ٢١٣ وروح المعاني ١٢ / ٣٣ والزاهر ١ / ٣٧٥ والقرطبي ٩ / ١٥ والدر المصون ٤ / ٨٨.
(٢) البيت لأبي خراش الهذلي. ينظر : ديوان الهذليين (١ / ١٣٣) وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٢٠٥ والبحر المحيط ٥ / ٢١٣ واللسان (جرم) والدر المصون ٤ / ٨٨.
(٣) البيت للسموأل ينظر : اللسان [خبن] والكشاف ٢ / ٣٨٧ والدر المصون ٤ / ٨٩.