وإذا نصبت «مجراها» على الظرف عمل فيه (بِسْمِ اللهِ) وكانت الجملة حالا من فعل «اركبوا».
وقيل : (بِسْمِ اللهِ) حال من فاعل «اركبوا» و (مَجْراها وَمُرْساها) في موضع الظرف المكاني ، أو الزماني. والتقدير : اركبوا فيها مسمّين موضع جريانها ، ورسوّها ، أو وقت جريانها ورسوّها.
والعامل في هذين الظرفين حينئذ ما تضمّنه (بِسْمِ اللهِ) من الاستقرار ، والتقدير : اركبوا فيها متبرّكين باسم الله في هذين المكانين ، أو الوقتين.
قال مكي : ولا يجوز أن يكون العامل فيهما «اركبوا» ؛ لأنه لم يرد : اركبوا فيها في وقت الجري ، والرسوّ ، إنّما المعنى : سمّوا اسم الله في وقت الجري والرّسوّ.
ويجوز أيضا أن يكون (مَجْراها وَمُرْساها) مصدرين ، و (بِسْمِ اللهِ) حال كما تقدّم ، رافعا لهذين المصدرين على الفاعليّة أي : استقرّ بسم الله إجراؤها ، وإرساؤها ، ولا يكون الجارّ حينئذ إلّا حالا من «ها» في «فيها» لوجود الرابط ، ولا يكون حالا من فاعل «اركبوا» لعدم الرّابط. وعلى هذه الأعاريب يكون الكلام جملة واحدة.
ويجوز أن يكون (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) جملة مستأنفة لا تعلّق لها بالأولى من حيث الإعراب ، ويكون قد أمرهم في الجملة الأولى بالرّكوب ، وأخبر أنّ مجراها ومرساها باسم الله. فجرت ، وإذا أراد أن ترسو قال : بسم الله.
قال بعض المفسّرين : كان نوح عليه الصلاة والسّلام إذا أراد إجراء السفينة قال : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها) فتجري ، وإذا أراد أن ترسو قال : «بسم الله مرساها» فترسو ، فالجملتان محكيتان ب «قال».
وقرأ الأخوان وحفص «مجراها» بفتح الميم ، والباقون (١) بضمها. واتّفق السّبعة على ضمّ ميم «مرساها». وقرأ ابن مسعود ، وعيسى (٢) الثقفي وزيد بن علي ، والأعمش «مرساها» بفتح المم أيضا.
فالضمّ فيهما ، لأنهما من «أجرى وأرسى» ، والفتح لأنّهما من «جرت ورست» وهما : إمّا ظرفا زمان أو مكان أو مصدران على ما سبق من التقادير.
وقرأ الضحاك ، والنخعي ، وابن وثاب ، ومجاهد ، وأبو رجاء ، والكلبي (٣) ، والجحدري ، وابن جندب مجريها ومرسيها بكسر الراء ، والسين بعدهما ياء صريحة ،
__________________
(١) ينظر : الحجة ٤ / ٣٢٩ وإعراب القراءات السبع ١ / ٢٨٠ وحجة القراءات ٣٤٠ والإتحاف ٢ / ١٢٥ ، ١٢٦ ، والمحرر الوجيز ٣ / ١٧٣ والبحر المحيط ٥ / ٢٢٥ والدر المصون ٤ / ٩٩.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ١٧٣ والبحر المحيط ٥ / ٢٢٥ ، ٢٢٦ والدر المصون ٤ / ٩٩.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ١٧٣ والبحر المحيط ٥ / ٢٢٦ والدر المصون ٤ / ٩٩.