المطلق في مثله ، أو تجعل «إلى» بمعنى «مع» أي : مع قوتكم ، كقوله : (إِلى أَمْوالِكُمْ).
ثم قال : (وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) أي : ولا تدبروا مشركين مصرين على الكفر.
(قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ) ببرهان وحجة واضحة على ما تقول. والباء في «بينة» يجوز أن تكون للتعدية ؛ فتتعلق بالفعل قبلها أي ما أظهرت لنا بينة قط.
والثاني : أن تتعلق بمحذوف على أنها حال ؛ إذ التقدير : مستقرا أو ملتبسا ببينة.
قوله : (وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ) أي : وما نترك آلهتنا صادرين عن قولك ، فيكون (عَنْ قَوْلِكَ) حال من الضمير في «تاركي» ويجوز أن تكون «عن» للتعليل كهي في قوله تعالى : (إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ ،) أي : إلا لأجل موعدة. والمعنى هنا : بتاركي آلهتنا لقولك ، فيتعلق بنفس «تاركي». وقد أشار إلى التعليل ابن عطية ، ولكن المختار الأول ، ولم يذكر الزمخشري غيره.
قوله : (وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) بمصدقين.
(إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ) الظاهر أن ما بعد «إلا» مفعول بالقول قبله ، إذ المراد : إن نقول إلا هذا اللفظ فالجملة محكية نحو قولك : «ما قلت إلا زيد قائم». وقال أبو البقاء : «الجملة مفسرة لمصدر محذوف ، التقدير : إن نقول إلا قولا هو اعتراك ، ويجوز أن يكون موضعها نصبا ، أي : ما نذكر إلا هذا القول».
وهذا غير مرض ؛ لأن الحكاية بالقول معنى ظاهر لا يحتاج إلى تأويل ، ولا إلى تضمين القول بالذكر.
وقال الزمخشري (١) : «اعتراك» مفعول «نقول» و «إلا» لغو ، أي : ما نقول إلا قولنا «اعتراك». انتهى.
يعنى بقوله : «لغو» أنه استثناء مفرغ ، وتقديره بعد ذلك تفسير معنى لا إعراب ، إذ ظاهره يقتضي أن تكون الجملة منصوبة بمصدر محذوف ، ذلك المصدر منصوب ب «نقول» هذا الظاهر.
ويقال : اعتراه يعتريه إذا أصابه ، وهو افتعل من عراه يعروه ، والأصل : اعترو من العرو ، مثل : اغتزو من الغزو ، فتحرك حرف العلة وانفتح ما قبله فقلب ألفا ، وهو يتعدى لا ثنين ثانيهما بحرف الجر.
والمعنى : أنك شتمت آلهتنا ، فجعلتك مجنونا ، وأفسدت عقلك ، ثم قال لهم هود : (إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ) على نفسي (وَاشْهَدُوا) يا قومي (أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) من دونه ، يعنى : الأوثان.
__________________
(١) ينظر : تفسير الكشاف ٢ / ٤٠٣.