وثالثها : خلقها على تلك الصّورة دفعة واحدة من غير ولادة.
ورابعها : أنّه كان لها شرب يوم.
وخامسها : أنه كان يحصل منها لبن كثير يكفي الخلق العظيم.
ثم قال : (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) من العشب ، والنبات ، فليس عليكم مؤنتها.
وقرىء «تأكل» بالرفع : إمّا على الاستئناف ، وإمّا على الحال.
(وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) ، ولا تصيبوها بعقر «فيأخذكم» إن قتلتموها (عَذابٌ قَرِيبٌ) يريد اليوم الثالث.
«فعقروها فقال لهم» صالح : (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ) أي : في دياركم ، فالمراد بالدّار : البلد ، وتسمّى البلاد بالدّيار ، لأنّه يدار فيها ، أي : يتصرف ، يقال : ديار بكر أي : بلادهم.
وقيل : المراد بالدّيار : دار الدّنيا ، وقيل : هو جمع «دارة» كساحة وساح وسوح ، وأنشد ابن أبي الصّلت : [الوافر]
٢٩٨٠ ـ له داع بمكّة مشمعلّ |
|
وآخر فوق دارته ينادي (١) |
فصل
قال القرطبيّ : «استدلّ العلماء بتأخير الله العذاب عن قوم صالح ثلاثة أيام على أنّ المسافر إذا لم يجمع على إقامة أربع ليال قصر ؛ لأنّ الثلاثة أيام خارجة عن حكم الإقامة».
والتّمتع : التّلذّذ بالمنافع والملاذ. «ذلك وعد غير مكذوب» ، [أي : غير كذب](٢).
قوله : «مكذوب» يجوز أن يكون مصدرا على زنة مفعول ، وقد جاء منه أليفاظ نحو : المجلود والمعقول والميسور والمفتون ، ويجوز أن يكون اسم مفعول على بابه ، وفيه حينئذ تأويلان : أحدهما : غير مكذوب فيه ، ثم حذف حرف الجر فاتّصل الضّمير مرفوعا مستترا في الصّفة ومثله «يوم مشهود» وقول الشاعر : [الطويل]
٢٩٨١ ـ ويوم شهدناه سليما وعامرا |
|
قليل سوى الطّعن النّهال نوافله (٣) |
والثاني : أنه جعل هو نفسه غير مكذوب ؛ لأنّه قد وفي به ، فقد صدّق.
__________________
(١) ينظر البيت في ديوانه (٣٣١) والبحر المحيط ٥ / ٢٤٠ وروح المعاني ١٢ / ٩١ واللسان (دور) والتهذيب ١٤ / ١٥٤ (دار) والدر المصون ٤ / ١١٠.
(٢) سقط في ب.
(٣) تقدم.