بعضهم. قال : ويدلّ على ذلك قراءة من قرأ : «لمّا» بالتنوين.
الخامس : أنّ الأصل «لمّا» بالتنوين أيضا ، ثمّ أبدل التنوين ألفا وقفا ، ثم أجري الوصل مجرى الوقف. وقد منع من هذا الوجه أبو عبيد قال : لأنّ ذلك إنّما يجوز في الشعر يعني إبدال التنوين ألفا وصلا إجراء له مجرى الوقف ، وسيأتي توجيه قراءة «لمّا» بالتنوين.
وقال ابن الحاجب : «استعمال «لمّا» في هذا المعنى بعيد ، وحذف التنوين من المنصرف في الوصل أبعد ، فإن قيل : «لمّا» فعلى من اللّمّ ، ومنع الصرف لأجل ألف التأنيث ، والمعنى فيه مثل معنى «لمّا» المنصرف فهو أبعد ، إذ لا يعرف «لمّا» فعلى بهذا المعنى ولا بغيره ، ثم كان يلزم هؤلاء أن يميلوا كمن أمال ، وهو خلاف الإجماع ، وأن يكتبوها بالياء ، وليس ذلك بمستقيم».
السادس : أنّ «لمّا» زائدة كما تزاد «إلا» قاله أبو الفتح وغيره ، وهذا وجه لا اعتبار به ، فإنّه مبنيّ على وجه ضعيف أيضا ، وهو أنّ «إلّا» تأتي زائدة.
السابع : أنّ «إن» نافية بمنزلة «ما» ، و «لمّا» بمعنى «إلّا» ، فهي كقوله : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) [الطارق : ٤] أي : ما كلّ نفس إلّا عليها (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ) [الزخرف : ٣٥] أي : ما كل ذلك إلا متاع.
واعترض على هذا الوجه بأنّ «إن» النافية لا تنصب الاسم بعدها ، وهذا اسم منصوب بعدها وأجاب بعضهم عن ذلك بأنّ «كلّا» منصوب بإضمار فعل ، فقدّره قوم منهم أبو عمرو ابن الحاجب : وإن أرى كلّا ، وإن أعلم ونحوه ، قال : ومن هنا كانت أقلّ إشكالا من قراءة ابن عامر لقبولها هذا الوجه الذي غير مستبعد ذلك الاستبعاد وإن كان في نصب الاسم الواقع بعد حرف النّفي استبعاد ، ولذلك اختلف في مثل : [الوافر]
٣٠٣٣ ـ ألا رجلا جزاه الله خيرا |
|
يدلّ على محصّلة تبيت (١) |
هل هو منصوب بفعل مقدّر ، أو نوّن ضرورة؟ فاختار الخليل إضمار الفعل ، واختار يونس التنوين للضّرورة. وقدّره بعضهم بعد «لمّا» من لفظ : «ليوفّينّهم» ، والتقدير : وإن كلا إلّا ليوفّينّ ليوفّينّهم. وفي هذا التقدير بعد كبير أو امتناع ؛ لأنّ ما بعد «إلّا» لا يعمل فيما قبلها ، واستدل على مجيء : «لمّا» بمعنى : «إلّا» بنصّ الخليل وسيبويه على ذلك ونصره الزّجّاج. قال بعضهم : وهي لغة هذيل ، يقولون : سألتك بالله لمّا فعلت أي : إلّا فعلت.
وأنكر الفرّاء (٢) ، وأبو عبيد ورود : «لمّا» بمعنى : «إلّا» قال أبو عبيد : «أمّا من شدّد «لمّا» بتأويل «إلّا» فلم نجد هذا في كلام العرب ، ومن قال هذا لزمه أن يقول : قام القوم
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٩.