أحدها : أنّه جمع «زلفة» أيضا ، والضّمّ للإتباع ، كما قالوا : بسرة وبسر بضم السين إتباعا لضمّة الباء.
الثاني : أنّه اسم مفرد على هذه الزّنة ك : عنق.
الثالث : أنه جمع «زليف» قال أبو البقاء : «وقد نطق به» ، يعنى أنّهم قالوا زليف ، و «فعيل» يجمع على «فعل» نحو : رغيف ورغف ، وقضيب وقضب.
وقرأ مجاهد وابن محيصن بإسكان اللّام (١) ، وفيها وجهان :
أحدهما : أنّه يحتمل أن تكون هذه القراءة مخفّفة من ضمّ العين فيكون فيها ما تقدّم.
والثاني : أنّه سكون أصل من باب اسم الجنس نحو : بسرة وبسر من غير إتباع.
وقرأ مجاهد وابن (٢) محيصن أيضا في رواية : «وزلفى» بزنة : «حبلى» جعلوها على صفة الواحدة المؤنثة اعتبارا بالمعنى ؛ لأنّ المعنى على المنزلة الزّلفى ، أو الساعة الزّلفى ، أي : القريبة.
وقد قيل : إنّه يجوز أن يكون أبدلا التنوين ألفا ثم أجريا الوصل مجرى الوقف فإنّهما يقرآن بسكون اللّام وهو محتمل.
وقال الزمخشريّ : والزّلفى بمعنى الزّلفة ، كما أنّ القربى بمعنى القربة يعنى : أنه ممّا تعاقب فيه تاء التّأنيث وألفه.
وفي انتصاب : «زلفا» وجهان :
أظهرهما : أنه نسق على «طرفي» فينتصب الظّرف ، إذ المراد بها ساعات الليل القريبة.
والثاني : أن ينتصب انتصاب المفعول به نسقا على الصّلاة.
قال الزمخشريّ (٣) ـ بعد أن ذكر القراءات المتقدمة ـ : وهو ما يقرب من آخر النّهار ومن الليل ، وقيل : زلفا من الليل وقربا من الليل ، وحقّها على هذا التفسير أن تعطف على الصلاة ، أي : أقم الصلاة طرفي النّهار ، وأقم زلفا من اللّيل على معنى صلوات تتقرّب بها إلى الله تعالى في بعض الليل.
والزّلفة : أول ساعات الليل ، قاله ثعلب. وقال الأخفش وابن قتيبة : «الزلف : ساعات الليل وآناؤه ، وكلّ ساعة منه زلفة» فلم يخصصاه بأوّل الليل ؛ وقال العجاج : [الرجز]
٣٠٣٩ ـ ناج طواه الأين ممّا وجفا |
|
طيّ اللّيالي زلفا فزلفا |
سماوة الهلال حتّى احقوقفا (٤) |
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢١٢ والبحر المحيط ٥ / ٢٧٠ والدر المصون ٤ / ١٤٥.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢١٢ والبحر المحيط ٥ / ٢٧٠ والدر المصون ٤ / ١٤٥.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٣٥.
(٤) تقدم.