يستطيعون أن يفقهوا حقيقة ما عنده من معارف القرآن ويؤمنوا به» (١).
ولكن قد يرد عليه أن جوّ الآية يوحي بأن الوصف لتأكيد دور الحجاب في المنع عن الإيمان ، من خلال كونه حائلا بين الناس وبين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الإيمان بالقرآن ، مما يقرّب معنى الساتر لا المستور ، ويرجّح أنه وارد على نحو النسبة أو الفاعل ، فقد لا يكون هناك فائدة كبيرة في بيان خفاء الحجاب عن الأعين ، اللهم إلا أن يكون ذلك فائدة للإيحاء بالعنصر الداخلي المعنوي للحجاب في مقابل الحجاب الخارجي المادي.
(وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) وهذا تأكيد للحجاب ، فإن الأكنّة جمع كنّ ـ بالكسر ـ وهو ما يحفظ فيه الشيء ويستر به عن غيره ، فكأن هناك غشاء يغطي القلب ويمنعه من الانفتاح على حقائق القرآن ومفاهيمه ، (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) أي ثقلا في السمع ، فيتلقونه كما يتلقى الشخص الثقيل السمع الكلمة التي تلقى إليه ، فلا يسمعها إلا كما يسمع الصدى الذي لا يفهم منه شيء لعدم تميز الملامح التفصيلية للكلمة فيه. وهكذا نجد القرآن ثقيلا على أسماعهم ، فلا ينفتحون عليه انفتاح وعي لمفاهيمه ، لأن السمع لا يحقّق أية نتيجة للمعرفة إلا إذا انفتح العقل عليه ، وهذا ما نراه في الكثيرين الذين يسمعون الحديث ، ولكن قلوبهم مشغولة بشيء آخر ، فلا يلتفتون إلى معانيه ، تماما كمن لم يسمع الحديث أصلا.
* * *
__________________
(١) (م. س) ، ج : ١٣ ، ص : ١١٠.