يجعلهم لا يدركون مضامينه في العقيدة والشريعة ، ولا يلتزمون مفاهيمه في الكون والحياة ، كأيّة حالة داخلية رافضة في تأثيرها السلبي على وعي الإنسان للمسألة المرفوضة.
أمّا خصوصية عدم إيمانهم بالآخرة ، فقد تكون ناشئة من كون هذا البعد عن خط الإيمان بالآخرة يمنع الإنسان من مواجهة الأمور مواجهة فكرية وعمليّة مسئولة في ما ينبغي أن يؤمن به أو يعمل به ، لأنه لا يجد أية ضرورة ضاغطة في هذا الاتجاه ، فتبقى المسألة خاضعة للمزاج الذاتي الذي يلتقي بالعوامل الطارئة البعيدة عن عمق الأشياء في نطاق المصلحة المنفتحة على حياة الإنسان.
أمّا توصيف الحجاب بأنه مستور ، مع أن المعنى يلائم التعبير بأنه ساتر ، فقد ذكر البعض «أن «مفعول» فيه للنّسب أي حجابا ذا ستر ، نظير قولهم : رجل مرطوب ، ومكان مهول ، وجارية مغنوجة ، أي ذو رطوبة ، وذو هول ، وذات غنج ، ومنه قوله تعالى: (كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) [مريم : ٦١] أي ذا إتيان» (١).
«وعن الأخفش أن «مفعول» ربما ورد بمعنى فاعل ، كميمون ومشؤوم بمعنى يامن وشائم ، كما أن «فاعل» ربما ورد بمعنى مفعول ، كماء دافق أي مدفوق. فمستور بمعنى ساتر» (٢).
ويذكر صاحب الميزان وجها آخر ، وهو «أنه حجاب مستور عن الحواس ، على خلاف الحجابات المتداولة بين الناس ، المعمولة لستر شيء عن شيء ، فهو حجاب معنويّ مضروب بين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بما أنه قارئ للقرآن حامل له ، وبين المشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة ، يحجبه عنهم فلا
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٣ ، ص : ١١١.
(٢) (م. ن) ، ج : ١٣ ، ص : ١١١.