الإنسان واعتباره خليفة له ، وقدرته على وعي المعرفة بالأسماء كلها بما لا يقدر عليه الملائكة ، أو بما اختصه الله به من دون الملائكة. ثم أمر الملائكة بالسجود لآدم بصفته الإنسانية ، لا بصفته الذاتية ، كما يظهر من ردّ فعل إبليس الذي فهم المسألة من خلال النوع لا من خلال الشخص ، ولذا وجه الانتقام إلى ذرية آدم.
إن هذه الآيات قد توحي بأن للإنسان دورا في الخليقة لا يقترب الملائكة منه ، مما يجعل له بعض التميّز عليه ، وإن كانت المسألة لا توضح تفضيله عليهم من ناحية شمولية ؛ والله العالم.
السؤال الثاني : ما الفرق بين التكريم الذي جاء في أوّل الآية ، وبين التفضيل الذي جاء في آخرها ، فهل هو وارد على سبيل التأكيد ، أم أن هناك فرقا معنويا بينهما؟
وقد أجيب عن ذلك بأجوبة كثيرة ، والظاهر أن كلمة التكريم واردة على أساس النظرة إلى طبيعة الخصائص الذاتية التي خلقها الله فيه ، باعتبارها مظهرا لكرامة الله وإعزازه له ، بعيدا عن تفضيله على غيره ، إذ لا مانع من أن يكرم الله غيره بما أكرمه به أو بما يماثله في ذلك.
أما التفضيل ، فهو ناظر إلى المقارنة بين ما وهبه الله له وبين ما وهبه لغيره لإثبات جانب الامتياز فيه ، وبذلك كان أحدهما يكمّل الآخر في المعنى ، ولا يكتفي بتأكيده له ؛ والله العالم.
* * *