أو تجربة عاشوها فحرّكت في ذاتهم إرادة التغيير.
إن في نفس كل إنسان شخصية منفتحة طاهرة ، ترقد في أعماق الأعماق حيث تعيش ينابيع الفطرة ومواقع الصفاء في الروح ، وربما تطغى عليها شخصية أخرى تتحرك في أجواء الغريزة وفي نوازع الحس ، فتنطلق بالأعمال السلبيّة ، كما تنطلق الشخصية الفطرية بالأعمال الإيجابية ، وقد تتغير كل منهما في اتجاه آخر ، يغطّي هذا الجانب ليبرز مكانه جانب آخر ، مما يجعل للعقل وللوحي وللتجربة الواعية دورا كبيرا في عملية التغيير. وهكذا يعمل كل إنسان على صورته الداخلية ووفق شاكلته الشخصية ، ولكن الله مطّلع على خفايا الأمور ، في ما يتحرك به الإنسان من نوازع وأفكار وشهوات مما يخفى أمره على الناس ، أو مما تلتبس فيه النظرة إلى الواقع (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) لأن الله لا ينظر إلى مواقع الصورة في الخارج ، بل إلى مواقعها في الداخل ، مما يحدّد طبيعة التفاضل في الهدى ، أو طبيعة الضلال والهدى.
* * *