العظمة لبعض المخلوقات الغامضة ، كالجن والملائكة ، أو لبعض الأشخاص الذين يحملون في حياتهم بعضا من خصوصيات المعجزة تبرر بنظرهم وجود ارتباط عضوي في علاقتهم بالله ، نتيجة ما يتوهمونه من أسرار الألوهية الكامنة في ذواتهم.
ثم تتحرك اللمسات واللمحات المتنوّعة في حركة إيحائية وتوجيه مباشر ، من أجل أن يكون العمل الصالح هو الوجه البارز للإيمان الكامن في الذات عند ما يتحول إلى تجسيد عمليّ في صعيد الواقع ، انطلاقا من الخط القرآني الذي لا يحترم الفكرة إلا إذا تحوّلت إلى واقع في حياة الإنسان ، ولا يقبل الإيمان إلا إذا اقترن بالعمل الصالح ، لأن الجانب الوجداني في الذات لا بد من أن يطلّ على الجانب الواقعي من الحياة ، لئلا تبقى قضية الفكرة أو الإيمان مجرد حالة تجريدية لدى الإنسان ، فتترك تأثيرها على الجانب التصوري الذهني بعيدا عن الجانب الحركي في نموّ الحياة وتطوّرها.
ويبقى للأسلوب القرآني في التبشير والإنذار الذي يلامس الروح الإنسانية المتحركة في خطّي الرغبة والرهبة ، دوره في حركة الفكر الذي يواجه المسائل من مواقع المسؤولية والجدية ، ويدفع الواقع في اتجاه النتائج الإيجابية أو السلبية المتصلة بالعمل في خط الرسالات.
وتبقى النماذج الإنسانية القوية في مواجهة الواقع الضاغط ، وفي انطلاقة الفكر ، وفي حركة القدرة ، وفي قوة الإرادة ... هي الوجوه المتنوّعة التي تطل من السورة في حركة القصص الثلاث ، لتوحي للإنسان في كل زمان ومكان بالفكرة التي تحتوي نقاط الضعف الإنساني لتحوّلها إلى حركة في اتجاه إثارة نقاط القوّة ، في ما يريد الله أن يثيره منها في حركة الوجدان ، وفي ثبات الموقف العملي للإنسان في اتجاه التسامي والتطور والارتفاع.
* * *