على الزمن كله وعلى كل أمورهم ، فهو يعلم منهم ما لا يعلمه الآخرون ، (غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو خالق الغيب والمسيطر عليه والمحيط به ، فلا يملك أحد علمه إلا من خلال ما يريد الله له أن يعلمه.
(أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) ـ وهما من صيغ التعجّب ـ توحيان بدقّة السمع والبصر وكمالهما ، بالمستوى الذي لا يدانيه أيّ سمع وبصر ، وهو كناية عن إحاطته الكاملة بالأشياء ، في ما يمثله السمع والبصر من وسيلة المعرفة ، فإن الله يعلم حالهم حتى في أدقّ الأشياء خفاء ، ويسمع مقالهم حتى في أشد الكلمات همسا. (ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ) فليس لغيره الولاية عليهم ، بل الولاية له وحده ، فكل ما في الكون محتاج إلى ولايته وخاضع له ، لأنه الخالق للحياة كلها وللإنسان كله ، وهو الذي يمدّها ويمده بقابلية الاستمرار من خلال ما يفيض عليها وعليه من نعمه التي هي الشرط الأساسي للبقاء. (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) فهو الحاكم المستقل بحكمه ، فلا يشرك غيره فيه ، لأنه لا يحتاج إلى أحد ، فهو المطلع على كل خفايا الأشياء والمهيمن عليها ... فلا حاجة إلى مشورة أو معونة من أحد ، كما يحتاج الحاكم إلى ذلك نتيجة محدودية علمه وقدرته. وهذا تأكيد للإحاطة الكاملة لعلمه ـ سبحانه وتعالى ـ الذي يجعل ما يخبر به حقيقة كاملة لا ريب فيها ولا شك ، ولا غموض ولا إبهام.
* * *