فساد ، ليكون ذلك هو الوجه البارز لحركته في حكم المجتمع في نطاق المستقبل في ما يقوم به بشكل مباشر ، وما يمكن أن يقوم به الآخرون من بعده.
ومن جهة ثانية ، فإن هذا هو الخط المتحرك في النهج الذي يجب أن يحكم سلوكهم في حياتهم العامة والخاصة ، ليكون ذلك هو حركة مسئوليتهم في ما يواجهون الله به من ذلك. وهذا ما أكدته الآية الكريمة في ما نقلته عن جواب ذي القرنين.
(قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ) في الدنيا وفق خط الشريعة العادل التي تريد أن تؤكد النظام الكامل في المجتمع في علاقاته بين أفراده ، فتدفع إلى عقاب الظالمين الذين يظلمون أنفسهم بالانحراف عن الخط المستقيم ، ويظلمون غيرهم بالاعتداء على حقوقهم وحرياتهم ، لأن ذلك هو العنصر الرادع الذي يمنعهم في المستقبل عن الامتداد في خط الانحراف والعدوان ، انطلاقا من الحالة الإنسانية الخاضعة لمبدأ الثواب والعقاب. أما في الآخرة ، فإن العذاب ينتظر الظالم لتمرده على الله في ما عصاه في أوامره ونواهيه. (ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً) أي منكرا عظيما لا يعرف طبيعته لأنه غير مألوف لديه ، في ما كان يألفه من ألوان العذاب في الدنيا.
(وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) في ما يمثله ذلك من التكامل بين الحالة الفكرية في العقيدة وبين الحالة العملية في الاستقامة ، على خط الإيمان بالعمل الصالح الذي يمثل المفردات التشريعية في دائرة رضا الله ، (فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى) أي فله المثوبة الحسنى جزاء عمله وإيمانه ، ونضعه في المركز الكبير في الحياة الاجتماعية ، ليكون ذلك تشجيعا للمحسنين على إحسانهم ، وللآخرين على الأخذ بأسباب ذلك. (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) في ما يعنيه القول من التكليف بالأعمال اليسيرة التي لا تشقّ عليه ، لأن الجهد الذي بذله في الانضباط